الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
هل سوف يتمّ القضاء على كلّ الطواغيت والمتجبّرين والفاسدين في عصر الظهور ، وتزول كلّ آثار الظلم والعدوان أم يكون غير ذلك؟

سؤال: 

هل سوف يتمّ القضاء على كلّ الطواغيت والمتجبّرين

والفاسدين في عصر الظهور ،

وتزول كلّ آثار الظلم والعدوان أم يكون غير ذلك؟

 

يعتقد البعض بأنّ الظلم لن يزول بشكل كامل ويُقلع من جذوره في عصر الظهور ولن تكون تلك المرحلة الزمنية خالية من الظالمين والطواغيت والعابثين والفاسدين ومن أجل لايُعدّ ذلك العصر العصر التي تصل به الإنسانية الى قمة السعادة والرفاهية .

وكل مايقع وحسب ظنهم بإن هناك نسبة من العدل والعدالة تحل محل الظلم والظالمين وبمعنى أكثر يشبه الى حدّ ما الوضع الذي جرى ويجري في زمان الغيبة حيث كان للظلم والفساد جولة وصولة كبيرة وعانت الإنسانية من هؤلاء الثلة الفاسدة شتى أنواع الظلم مع كل ذلك فقد وجد عدة من الناس تآمر بالعدل والعدالة وتعمل جاهدة من أجل تطبيقها وإنزالها على أرض الواقع ففي عصر الظهور سوف يحل مقدار من العدل والعدالة مكان الظلم والجور ومع إن العدالة تكون فيه شاملة ولكن سيبقى مجموعة من الظالمين والفاسدين يعبثون بمقدرات الإنسانية في هذا المكان من هذا العالم أو في ذلك المكان ولن تعم السعادة المطلقة والكاملة كل ربوعه .

ولعلّ هذا الإعتقاد والرأي ينبع من استنباطهم غير الصحيح من الرواية المعروفة التي تقول: «إنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً » .

حيث يقول هؤلاء: بأنّ لفظ «كما» في الرواية هو بمعنى «كذلك» وهذا الامر دليل على صحة مايقولون وهنا يكفي القول بإنه وكما إن زمان الغيبة شهدت البسيطة وفي جميع ارجائها الظلم والجور وظهر في هذا القسم منها أو ذلك نوع وإن كان قليلاً من العدل والعدالة كذلك الحال في عصر الظهور صحيح إن العدالة سوف تعم الأرض ومن عليها ومع ذلك فإنّ هناك فئة تعمل على ظلم الناس وإضطهادهم في بعض من ارجاء هذا العالم والدليل على ذلك هو لفظة «كما» الواردة في تلك الرواية والتي هي بمعنى «كذلك» !

----------------------------

الجواب :

نقول في مقام الإجابة على هذه الشبهة : من الواضح فإن استنباطهم وفهمهم من تلك الرواية ليس له من الصحة في شيء وهو مخالف تماماً للمضامين والمعاني التي دلت عليها الآيات والروايات الواردة .

توضيح المطلب : لقد تم استعمال لفظة «كما» في القرآن الكريم في موارد عديدة وكان اكثر استعمالها في موارد التشبيه ولم يكن هناك جزم وضرورة في ان تكون الموارد التي تأتي من بعد «كما» هي شبيه من جميع الجوانب وتتطابق مع الموارد التي وردت قبلها يقول البارئ عز وجل في كتابه المنزل «إنا أوحينا إليك كما أوحينا الى نوح والنبين من بعده ...» (سورة النساء ، الآية 163 ) .

ففي هذا الآية فإن مقصود البارئ جلا وعلا هو الشبه في اصل الوحي وليس المقصود إن الله تعالى قد اوحى الى النبي نوح والإنبياء من بعده هو عين ونفس ما اوحى به الى نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله ) فإذا كان الأمر كذلك فما هو الأفضلية والإمتياز الذي حازه القرآن الكريم عن سائر الكتب السماوية الآخرى ؟

واما المقصود من تلك الرواية فهو إن العالم ساده الظلم والجور في عصر الغيبة وإن عصر الظهور سيكون عصر ملئه العدل والعدالة وإن الشبه يكون في الشمولية والملئ وليس يعني وجود نوع من المعادلة المتوازنة والمقدار المتساوي بين الظلم والعدالة في زماني الغيبة والظهور .

وقد قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز في موارد آخرى:

«يابني أدم لايفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما يريهما سواتهما » . (سورة الأعراف الآية 27 )

فهل يا ترى انّ المورد الذي سبق «كما» في هذه الآية هو نفسه فيما بعدها يعني ان الشخص الذي سيقع في حبائل الشيطان يكون مثل النبي ادم وحواء الذي أخرجهم الله تعالى من جنته وخلع الشيطان لبسهما وأراهم سوتهما .

ومن البديهي فإن الآية الشريفة هذه تشير الى التشابه الحاصل في اصل الاغواء والخداع من جانب الشيطان ولم تتطرق الى مسألة كل الخصوصيات التي حصلت الى النبي ادم وحواء . ولاشك فحينما يتم تفسير وبيان الروايات والأحاديث الشريفة من دون دقة وتمحص والعمل على تقليل شأنية وأهمية ومكانة عصر الظهور فسوف ينتقل ذلك الموضوع الى الآيات القرآنية الشريفة وبالتالي القيام بتفسيرها وتآويلها كما جرى في تفسير وبيان تلك الرواية .

قال الله تعالى:

«وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ...». (سورة النور، الآية 55 )

إن هذه الآية وحسب الرواية الواردة فيها فهي تشير الى حكومة الإمام صاحب العصر والزمان (ارواحنا لمقدمه الفداء) فإذا اردنا تفسيرها حسب مافسرها الذين فسروا الرواية السابقة فسيكون معناها إن حكومة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في عصر الظهور مثلها مثل الخلافة الإلهية السابقة من قبيل حكومة النبي سليمان في الوقت الذي نرى ان المفسرين اشاروا الى ان هذه الآية تشبه اصل خلافة الإمام بالخلافة الإلهية السابقة وليست بخصوصياتها وصفاتها والإ فما هي خصوصية وافضلية الحكومة الإلهية للإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف على بقية الحكومات الآخرى ؟

بالإضافة الى إننا اذا قمنا بتفسير تلك الآية حسب معنى الرواية غير الصحيح فهذا معناها إننا

سوف نطرح المئات من الروايات والأحاديث الصحيحة التي جاءت في خصوص خصائص حكومة الإمام المهدي (عليه السلام) ونضعها جانباً .

وعلى اساس كل ماقلناه فإن الإعتقاد بالظلم النسبي والعدالة والقسط النسبي في عصر الغيبة والظهور يتنافى تماماً من جهة مع القواعد اللغوية العربية وآدابها وايضاً يتعارض ويخالف القرآن الكريم من جهة آخرى .

واما الدليل الآخر في إثبات هذا الأمر هو إن القسط والعدل في زمان الظهور ليس نسبياً بل يكون شمولياً وعاماً ولن يبقى أي ظلم وجور على الكرة الأرضية وهناك روايات متعددة تشير بوضوح الى ان عصر الظهور هو عصر العدل والقسط وسوف يعم العالم كله من مشرقه وحتى مغربه وسوف تمحى كل آثار الظلم والفساد ولن يبقى هناك حاكماً ظالماً يحكم رقاب الناس. ولاجل توضيح هذا الموضوع أكثر يرجى منك

أخي السائل الرجوع الى كتاب دولة «دولة الإمام المهدي عجّل تعالى فرجه الشريف» وقراءته بتمعن.

موقع المنجی العلمی

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زيارة : 6673
اليوم : 7832
الامس : 18687
مجموع الکل للزائرین : 128296687
مجموع الکل للزائرین : 89238283