امام صادق علیه السلام : اگر من زمان او (حضرت مهدی علیه السلام ) را درک کنم ، در تمام زندگی و حیاتم به او خدمت می کنم.
(2) دعای امام حسین علیه السلام در روز عرفه

(2)

دعای امام حسین علیه السلام در روز عرفه

في «البلد الأمين»: اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذي لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطآئِهِ مانِعٌ،وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ أَجْناسَ الْبَدآئِعِ، وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنآئِعَ، وَلاتَخْفى عَلَيْهِ الطَّلآئِعُ، وَلاتَضيعُ عِنْدَهُ‏ الْوَدآئِعُ، جازي كُلِّ صانِعٍ، وَرآئِشُ كُلِّ قانِعٍ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ، مُنْزِلُ ‏الْمَنافِعِ، وَالْكِتابِ الْجامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا إِلهَ غَيْرُهُ، وَلإ شَيْ‏ءٌ يَعْدِلُهُ، وَ«لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ»(591)، اَللَّطيفُ ‏الْخَبيرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ.

أَللَّهُمَّ إِنّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرٌّ بِأَنَّكَ رَبّي، وَإِلَيْكَ ‏مَرَدّي، اِبْتَدَأْتَني بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، خَلَقْتَني مِنَ‏التُّرابِ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الأَصْلابَ امِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسّنينَ، فَلَمْ أَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلى رَحِمٍ في تَقادُمٍ مِنَ اَلْأَيَّامِ‏ الْماضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْني لِرَأْفَتِكَ بي، وَلُطْفِكَ لي، وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ في دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ، اَلَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ.

لكِنَّكَ أَخْرَجْتَني لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ الْهُدَى الَّذي لَهُ يَسَّرْتَني، وَفيهِ‏ أَنْشَأْتَني، و مِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَأْفَةً بي بِجَميلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى، وَأَسْكَنْتَني في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ مِنْ بَيْنِ ‏لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ لَمْ تُشْهِدْني خَلْقي، وَلَمْ تَجْعَلْ لي شَيْئاً مِنْ أَمْري، ثُمّ ‏أَخْرَجْتَني لِلَّذي سَبَقَ لي مِنَ اَلْهُدى إِلَى الدُّنْيا تامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَني فِي ‏الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِي الأُمَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلَأْتَني مِنْ طَوارِقِ الْجانِّ وَسَلَّمْتَني مِنَ ‏الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ.

فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يَا رَحْمَانُ، حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ اَلْإِنْعامِ، وَرَبَّيْتَني زآئِداً في كُلِّ عامٍ حَتَّى إِذا اِكْتَمَلَتْ فِطْرَتي، وَاعْتَدَلَتْ سَريرَتي، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَني‏ مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِي بِعَجآئِبِ حِكْمَتِكَ، وَأَيْقَظْتَني لِما ذَرَأْتَ في سَمآئِكَ‏ وَأَرْضِكَ، مِنْ بَدآئِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَني لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ، وَأَوْجَبْتَ عَلَيّ‏ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَني ما جآءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لي تَقَبُّلَ‏ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ في جَميعِ ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ.

ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حَرِّ الثّرى لَمْ تَرْضَ لي يا إِلهي نِعْمَةً دُونَ أُخْرى، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْواعِ الْمَعاشِ، وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظيمِ اَلْأَعْظَمِ‏عَلَيَّ، وَإِحْسانِكَ الْقَديمِ إِلَيَّ، حَتَّى إِذا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَميعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنّي كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلي وَجُرْأَتي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَني إِلىما يُقَرِّبُني إِلَيْكَ، وَوفَّقْتَني لِما يُزْلِفُني لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَني، وَإِنْ‏ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَني، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَني، وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَني كُلُّ ذلِكَ ‏إِكْمالٌ لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ، وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ.

فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ مُعيدٍ حَميدٍ مَجيدٍ، تَقَدَّسَتْ أَسْمآؤُكَ، وَعَظُمَتْ الآؤُكَ، فَأَيَّ نِعَمِكَ يا إِلهِي أُحْصي عَدَداً وَذِكْراً، أَمْ أَيُّ عَطاياكَ ‏أَقُومُ بِها شُكْراً، وَهِيَ يا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصيهَا الْعادُّونَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنّي.

اَللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّآءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لي مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرَّآءِ، فَأَنَا أَشْهَدُ يا إِلهي بِحَقيقَةِ إيماني، وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقيني، وَخالِصِ صَريحِ ‏تَوْحيدي، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَميري، وَعَلآئِقِ مَجاري نُورِ بَصَري، وَأَساريرِ صَفْحَةِ جَبيني، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسي، وَخَذاريفِ مارِنِ‏عِرْنيني، وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعي، وَما ضَمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ، وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِساني، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمي وَفَكّي وَمَنابِتِ أَضْراسي، وَمَساغِ مَطْعَمي وَمَشْرَبي، وَحِمالَةِ أُمِّ رَأْسي، وَبُلُوغِ فارِغِ حَبآئِلِ‏ عُنُقي، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِي، وَحَمآئِلِ حَبْلِ وَتيني، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبي، وَأَفْلاذِ حَواشي كَبِدي، وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ أَضْلاعي، وَحِقاقِ مَفاصِلي، وَقَبْضِ عَوامِلي، وَأَطْرافِ أَنامِلي، وَلَحْمي وَدَمي‏ وَشَعْري وَبَشَري وَعَصَبي وَقَصَبي وَعِظامي وَمُخّي وَعُرُوقي وَجَميعِ‏ جَوارِحي وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ أَيَّامَ رَضاعي، وَما أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنّي، وَنَوْمي وَيَقَظَتي وَسُكُوني وَحَرَكاتِ رُكُوعي وَسُجُودي أَنْ لَوْ حاولْتُ، وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصارِ وَالْأَحْقابِ، لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ واحِدَةٍمِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ إِلّا بِمَنِّكَ، اَلْمُوجِبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرَكَ أَبَداً جَديداً، وَثَنآءً طارِفاً عَتيداً.

أَجَلْ؛ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ، أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامِكَ‏ سالِفِهِ وَانِفِهِ، ما حَصَرْناهُ عَدَداً، وَلا أَحْصَيْناهُ أَمَداً، هَيْهاتَ أَنَّى ذلِكَ، وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ في كِتابِكَ النَّاطِقِ، وَالنَّبَإِ الصَّادِقِ، «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ‏لاتُحْصُوهُ»(592)، اَصَدَقَ كِتابُكَ.

أَللَّهُمَّ وَأَنْبِيآؤُكَ وَرُسُلُكَ ما أَنْزَلْتَ عَلَيْها مِنْ وحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَها وَبِها مِنْ دينِكَ غَيْرَ أَنّي يا إِلهي، أَشْهَدُ بِجَهْدي وَجِدّي وَمَبْلَغِ طاقَتي‏ وَوُسْعي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً، اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ ولَداً فَيَكُونَ‏ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ فَيُضادَّهُ فيمَا ابْتَدَعَ، وَلا ولِيٌّ مِنَ ‏الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيمَا صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ، «لَوْ كانَ فيهِما الِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ‏ لَفَسَدَتا»(593) وَتَفَطَّرَتا، سُبْحانَ اللَّهِ الْواحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ، اَلَّذي «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ»(594).

اَلْحَمْدُ للَّهِِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ، وَأَنْبِيآئِهِ الْمُرْسَلينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ، وَالِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ ‏الْمُخْلَصينَ وَسَلَّمَ.

ثمّ اندفع ‏عليه السلام في المسألة، واجتهد في الدّعاء، وقال وعيناه تكفان دموعاً: 

أَللَّهُمَّ اجْعَلْني أَخْشاكَ كَأَنّي أَراكَ، وَأَسْعِدْني بِتَقْواكَ وَلاتُشْقِني ‏بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لي في قَضآئِكَ، وَبارِكْ لي في قَدَرِكَ، حَتّى لا أُحِبّ ‏تَعْجيلَ ما أَخَّرْتَ، وَلا تَأْخيرَ ما عَجَّلْتَ.

أَللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنآئِي في نَفْسي، وَالْيَقينَ في قَلْبي، وَالْإِخْلاصَ في‏ عَمَلي، وَالنُّورَ في بَصَري، وَالْبَصيرَةَ في ديني، وَمَتِّعْني بِجَوارِحي، وَاجْعَلْ سَمْعي وَبَصَري، اَلْوارِثَيْنِ مِنّي، وَانْصُرْني عَلى مَنْ ظَلَمَني، وَأَرِني فيهِ ثاري وَمارِبي، وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْني.

أَللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتي، وَاُسْتُرْ عَوْرَتي، وَاغْفِرْ لي خَطيئَتي، وَاخْسَأْ شَيْطاني، وَفُكَّ رِهاني، وَاجْعَلْ لي يا إِلهي، اَلدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِي الْاخِرَةِ وَالْأُولى. أَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَني، فَجَعَلْتَني سَميعاً بَصيراً، وَلَكَ ‏الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَني، فَجَعَلْتَني خَلْقاً سَوِيّاً، رَحْمَةً بي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقي‏غَنِيّاً.

رَبِّ بِما بَرَأْتَني فَعَدَّلْتَ فِطْرَتي، رَبِّ بِما أَنْشَأْتَني فَأَحْسَنْتَ‏ صُورَتي، رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَيَّ وَفي نَفْسِي عافَيْتَني، رَبِّ بِما كَلَأْتَني‏ وَوفَّقْتَني، رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَني، رَبِّ بِما أَوْلَيْتَني وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍأَعْطَيْتَني، رَبِّ بِما أَطْعَمْتَني وَسَقَيْتَني، رَبِّ بِما أَغْنَيْتَني وَأَقْنَيْتَني، رَبّ‏بِما أَعَنْتَني وَأَعْزَزْتَني، رَبِّ بِما أَلْبَسْتَني مِنْ سِتْرِكَ الصَّافي، وَيَسَّرْتَ ‏لي مِنْ صُنْعِكَ الْكافي، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنّي عَلى بَوآئِقِ ‏الدُّهُورِ، وَصُرُوفِ اللَّيالي وَالْأَيَّامِ، وَنَجِّني مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ‏ الْاخِرَةِ، وَاكْفِني شَرَّ ما يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ.

أَللَّهُمَّ ما أَخافُ فَاكْفِني، وَما أَحْذَرُ فَقِني، وَفي نَفْسي وَديني‏ فَاحْرُسْني، وَفي سَفَري فَاحْفَظْني، وَفي أَهْلي وَمالي فَاخْلُفْني، وَفيما رَزَقْتَني فَبَارِكْ لي، وَفي نَفْسي فَذَلِّلْني، وَفي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْني، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَسَلِّمْني، وَبِذُنُوبي فَلا تَفْضَحْني، وَبِسَريرَتي ‏فَلاتُخْزِني، وَبِعَمَلي فَلاتَبْتَلِني، وَنِعَمَكَ فَلاتَسْلُبْني(595)، وَإِلى غَيْرِكَ‏ فَلاتَكِلْني.

إِلهي إِلى مَنْ تَكِلُني، إِلى قَريبٍ فَيَقْطَعَني، أَمْ إِلى بَعيدٍ فَيَتَجَهَّمَني، أَمْ إِلَى اَلْمُسْتَضْعَفينَ لي، وَأَنْتَ رَبّي، وَمَليكُ أَمْري، أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتي، وَبُعْدَ داري، وَهَواني عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْري. إِلهي فَلاتُحْلِلْ عَلَيّ‏ غَضَبَكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا أُبالي، سُبْحَانَكَ غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ ‏أَوْسَعُ لي.

فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وجْهِكَ الَّذي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَالسَّماواتُ، وَكَشَفْتَ بِهِ الظُّلُماتِ، وَصَلَحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلينَ وَالْاخِرينَ، أَنْ لاتُميتَني‏ عَلى غَضَبِكَ، وَلاتُنْزِلَ بي سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضى قَبْلَ ذلِكَ،لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، رَبُّ الْبَلَدِ الْحَرامِ وَاَلْمَشْعَرِ الْحَرامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتيقِ، اَلَّذي ‏أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْناً.

يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ أَسْبَغَ النَّعْمآءَ بِفَضْلِهِ، يامَنْ أَعْطَى الْجَزيلَ بِكَرَمِهِ، يا عُدَّتي في شِدَّتي، يا صاحِبي في وَحْدَتي، يا غِياثي في كُرْبَتي، يا ولِيّي في نِعْمَتي، يا إِلهي وَإِلهَ ابآئي إِبْراهيمَ ‏وإِسْماعيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَميكآئيلَ وإِسْرافيلَ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ والِهِ الْمُنْتَجَبينَ، مُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالاِْنْجيلِ‏ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ، وَمُنْزِلَ «كهيعص»(596) وَ«طه»(597) وَ«يس × وَالْقُرْانِ‏الْحَكيمِ»(598).

أَنْتَ كَهْفي حينَ تُعْيينِي الْمَذاهِبُ في سَعَتِها، وَتَضيقُ بِيَ الاَْرْضُ ‏بِرُحْبِها، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكينَ، وَأَنْتَ مُقيلُ عَثْرَتي، وَلَوْلاسِتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحينَ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدآئي، وَلَوْلا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ.

يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فَأَوْلِيآؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يا مَنْ‏ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نيرَ الْمَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خآئِفُونَ، «يَعْلَمُ خآئِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِى الصُّدُورُ»(599)، وَغَيْبَ ما تَأْتي بِهِ الاَْزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ، يا مَنْ لايَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لايَعْلَمُ ما هُوَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ كَبَسَ الاَْرْضَ عَلَى الْمآءِ وَسَدَّ الْهَوآءَ بِالسَّمآءِ، يا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ‏ الاَْسْمآءِ، يا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذي لايَنْقَطِعُ أَبَداً.

يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ، وَجاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، يا رادَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ «ابْيَضَّتْ عَيْناهُ‏ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ»(600)، يا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوى عَنْ أَيُّوبَ، وَمُمْسِكَ‏ يَدَيْ إِبْراهيمَ عَنْ ذِبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ، وَفَنآءِ عُمُرِهِ، يا مَنِ اسْتَجابَ‏ لِزَكَرِيَّا، فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى، وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وحيداً.

يا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، يا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَني إِسْرآئيلَ ‏فَأَنْجَاهُمْ، وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقينَ، يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ ‏مُبَشَّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، يا مَنْ لَمْ يَجْعَلْ عَلى مَنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يامَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ، وَقَدْ غَدَوْا في نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ ‏رِزْقَهُ، وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَدْ حآدُّوهُ وَنآدُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ.

يا اَللَّهُ يا اَللَّهُ، يا بَدي‏ءُ يا بَديعُ لا نِدَّ لَكَ، يا دآئِمُ لانَفادَ لَكَ، يا حَيُّ حينَ‏لا حَيَّ، يا مُحْيِيَ الْمَوْتى، يا مَنْ هُوَ قآئِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يامَنْ قَلَّ لَهُ شُكْري فَلَمْ يَحْرِمْني، وَعَظُمَتْ خَطيئَتي فَلَمْ يَفْضَحْني، وَرَاني‏عَلَى الْمَعاصي فَلَمْ يَشْهَرْني، يا مَنْ حَفِظَني في صِغَري، يا مَنْ رَزَقَني ‏في كِبَري، يا مَنْ أَياديهِ عِنْدي لاتُحْصى، وَنِعَمُهُ لاتُجازى.

يا مَنْ عارَضَني بِالْخَيْرِ وَالاِْحْسانِ، وَعارَضْتُهُ بِالْإِسآءَةِ وَالْعِصْيانِ، يا مَنْ هَداني لِلْإيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الْإِمْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ ‏مَريضاً فَشَفاني، وَعُرْياناً فَكَساني، وَجآئِعاً فَأَشْبَعَني، وَعَطْشاناً فَأَرْواني، وَذَليلاً فَأَعَزَّني، وَجاهِلاً فَعَرَّفَني، وَوحيداً فَكَثَّرَني، وَغآئِباً فَرَدَّني، وَمُقِلًّا فَأَغْناني، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَني، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْني، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَميعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَني.

فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتي، وَنَفَّسَ كُرْبَتي، وَأَجابَ ‏دَعْوَتي، وَسَتَرَ عَوْرَتي، وَغَفَرَ ذُنُوبي، وَبَلَّغَني طَلِبَتي، وَنَصَرَني عَلى عَدُوّي، وَإِنْ أَعُدُّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرآئِمَ مِنَحِكَ لا أُحْصيها.

يا مَوْلايَ أَنْتَ الَّذي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذي رَزَقْتَ، أَنْتَ الَّذي‏ وفَّقْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَقْنَيْتَ، أَنْتَ‏ الَّذي اويْتَ، أَنْتَ الَّذي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذي ‏أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذي أَيَّدْتَ، أَنْتَ ‏الَّذي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذي عافَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دآئِماً، وَلَكَ اَلشُّكْرُ واصِباً أَبَداً.

ثُمَّ أَنَا يا إِلهي، اَلْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبي فَاغْفِرْها لي، أَنَا الَّذي أَسَأْتُ، أَنَاالَّذي أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذي هَمَمْتُ، أَنَا الَّذي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذي غَفَلْتُ، أَنَاالَّذي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذي وعَدْتُ، أَنَا الَّذي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذي أَقْرَرْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَرَفْتُ ‏بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدي، وَأَبُوءُ بِذُنُوبي فَاغْفِرْها لي، يا مَنْ لاتَضُرُّهُ ذُنُوبُ‏ عِبادِهِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ‏ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلهي وَسَيِّدي.

إِلهي أَمَرْتَني فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَني فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لا ذابَرآءَةٍ لي فَأَعْتَذِرَ، وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَسْتَقْبِلُكَ يا مَوْلايَ، أَبِسَمْعي أَمْ بِبَصَري، أَمْ بِلِساني أَمْ بِيَدي أَمْ بِرِجْلي، أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ‏ عِنْدي، وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ.

فَلَكَ الْحُجَّةُ وَاَلسَّبيلُ عَلَيَّ، يا مَنْ سَتَرَني مِنَ الْابآءِ وَالْأُمَّهاتِ، أَنْ‏ يَزْجُرُوني، وَمِنَ الْعَشآئِرِ وَالاِْخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُوني، وَمِنَ السَّلاطينِ أَنْ ‏يُعاقِبُوني، وَلَوِ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنّي، إِذًا ما أَنْظَرُوني، وَلَرَفَضُوني وَقَطَعُوني.

فَهَا أَنَا ذا يا إِلهي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدي، خاضِعٌ ذَليلٌ حَصيرٌ حَقيرٌ، لاذُو بَرآءَةٍ فَأَعْتَذِرَ، وَلا ذُو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، وَلا ذُو حُجَّةٍ فَاحْتَجَّ بِها، وَلا قآئِلٌ ‏لَمْ أَجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَما عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ ‏يَنْفَعُني، كَيْفَ وَأَنَّى ذلِكَ وَجَوارِحي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ‏ يَقيناً غَيْرَ ذي شَكٍّ، إِنَّكَ سآئِلي عَنْ عَظآئِمِ الاُْمُورِ، وَإِنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ‏ الَّذي لاتَجُورُ وَعَدْلُكَ مُهْلِكي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبي، فَإِنْ تُعَذِّبْني يا إِلهي فَبِذُنُوبي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ ‏وَكَرَمِكَ.

«لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ»(601)، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ ‏سُبْحَانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَغْفِرينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ ‏الْمُوَحِّدينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْخآئِفينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ ‏سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلينَ.

لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ ‏إِنّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ السَّآئِلينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي ‏كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحينَ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْمُكَبِّرينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ رَبّي وَرَبُّ ابائيَ الاَْوَّلينَ.

أَللَّهُمَّ هذا ثَنآئي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَإِخْلاصي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَإِقْراري ‏بِالآئِكَ مُعَدِّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً إِنّي لَمْ أَحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها وَتَظاهُرِها، وَتَقادُمِها إِلى حادِثٍ ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُني بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَني، وَبَرَأْتَني مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ، مِنَ الاِْغْنآءِ مِنَ الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبيبِ الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفْريجِ الْكَرْبِ، وَالْعافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ، وَلَوْ رَفَدَني عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَميعُ الْعالَمينَ ‏مِنَ الاَْوَّلينَ وَالْاخِرينَ، ما قَدَرْتُ وَلا هُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ ‏مِنْ رَبٍّ كَريمٍ عَظيمٍ رَحيمٍ لاتُحْصى الآؤُكَ، وَلايُبْلَغُ ثَنآؤُكَ، وَلاتُكافى نَعْمآؤُكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنا نِعَمَكَ، وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ، سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ.

أللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفي السَّقيمَ، وَتُغْنِى الْفَقيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغيرَ، وَتُعينُ ‏الْكَبيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهيرٌ، وَلا فَوْقَكَ قَديرٌ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبيرُ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الاَْسيرِ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغيرِ، يا عِصْمَةَ الْخآئِفِ ‏الْمُسْتَجيرِ، يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِني في هذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبادِكَ، مِنْ‏ نِعْمَةٍ تُوَلّيها وَالآءٍ تُجَدِّدُها، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها، إِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشآءُ خَبيرٌ، وَعَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ.

أللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفا، وَأَوْسَعُ‏ مَنْ أَعْطى، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يا رَحْمانَ الدُّنْيا وَالْاخِرَةِ وَرَحيمَهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ، وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَني، وَسَأَلْتُكَ ‏فَأَعْطَيْتَني، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَني، وَوثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَني، وَفَزِعْتُ ‏إِلَيْكَ فَكَفَيْتَني.

أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ، وَعَلى الِهِ الطَّيِّبينَ ‏الطَّاهِرينَ أَجْمَعينَ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْمآءَكَ، وَهَنِّئْنا عَطآءَكَ، وَاُكْتُبْنا لَكَ ‏شاكِرينَ، وَلِالآئِكَ ذاكِرينَ، امينَ امينَ رَبَّ الْعالَمينَ.

أللَّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ، وَاسْتَغْفَرَ فَغَفَرَ، يا غايَةَ الطَّالِبينَ، وَمُنْتَهى أَمَلِ الرَّاجينَ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً، وَوَسَّعَ الْمُسْتَقيلينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً.

أللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ في هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَمينِكَ عَلى وحْيِكَ، اَلْبَشيرِالنَّذيرِ، اَلسِّراجِ الْمُنيرِ، اَلَّذي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ.

أللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ، كَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ ياعَظيمُ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى الِهِ الْمُنْتَجَبينَ الطَّاهِرينَ أَجْمَعينَ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنَّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الاَْصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ، فَاجْعَلْ لَنَا اللَّهُمّ‏ في هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ، وَنُوراً تَهْدي بِهِ، وَرَحْمَةً تَنْشُرُها، وَبَرَكَةً تُنْزِلُها، وَعافِيَةً تُجَلِّلُها، وَرِزْقاً تَبْسُطُهُ، ياأَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

أَللَّهُمَّ اقْلِبْنا في هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحينَ مُفْلِحينَ مَبْرُورينَ غانِمينَ، وَلاتَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ، وَلاتُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلاتَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ ‏فَضْلِكَ، وَلاتَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومينَ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ‏عَطآئِكَ قانِطينَ، وَلا تَرُدَّنا خآئِبينَ، وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودينَ، يا أَجْوَدَ الاَْجْوَدينَ، وَأَكْرَمَ الاَْكْرَمينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنينَ، ولِبَيْتِكَ الْحَرامِ امينَ‏ قاصِدينَ، فَأَعِنَّا عَلى مَناسِكِنا، وَأَكْمِلْ لَنا حَجَّنا، وَاُعْفُ اللَّهُمَّ عَنَّا، وَعافِنا فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْدِيَنا، فَهِيَ بِذِلَّةِ الْإِعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ.

أَللَّهُمَّ فَأَعْطِنا في هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ، فَلاكَافِيَ لَنا سِواكَ، وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ، نافِذٌ فينا حُكْمُكَ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فينا قَضآؤُكَ، اِقْضِ لَنا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.

أَللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الاَْجْرِ، وَكَريمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعينَ، وَلاتُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكينَ، وَلاتَصْرِفْ عَنَّارَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.

أَللَّهُمَّ اجْعَلْنا في هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَتابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ، يا ذَاالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ.

أللَّهُمَّ وَفِّقْنا وَسَدِّدْنا، وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيا أَرْحَمَ مَنِ ‏اسْتُرْحِمَ، يا مَنْ لايَخْفى عَلَيْهِ إِغْماضُ الْجُفُونِ، وَلا لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلا مَااسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمِراتُ الْقُلُوبِ.

أَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ، وَوسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ‏ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ‏ وَالاَْرَضُونَ، وَمَنْ فيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يا ذَا الْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، وَالْفَضْلِ وَالاِْنْعامِ، وَالاَْيادِي الْجِسامِ، وَأَنْتَ الْجَوادُ الْكَريمُ الرَّءُوفُ الرَّحيمُ.

أَللَّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ، وَعافِني في بَدَني وَديني، وَامِنْ خَوْفي، وَأَعْتِقْ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ. أَللَّهُمَّ لاتَمْكُرْ بي، وَلاتَسْتَدْرِجْني وَلاتَخْدَعْني، وَادْرَأْ عَنّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ. 

 

قال بشر وبشير: ثمّ رفع‏ عليه السلام صوته وبصره إلى السّماء، وعيناه قاطرتان كأنّها مزادتان وقال: 

يا أَسْمَعَ السَّامِعينَ، وَيا أَبْصَرَ النَّاظِرينَ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ، اَلسَّادَةِ الْمَيامينِ، وَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ حاجَتِيَ الَّتي إِنْ أَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّني ما مَنَعْتَني، وَإِنْ ‏مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْني ما أَعْطَيْتَني، أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، وحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ، يا رَبِّ يا رَبِّ. 

قال بشر وبشير: فلم يكن له‏ عليه السلام جهد إلاّ قوله: «يا رَبِّ، يا رَبِّ» بعد هذاالدّعاء، وشغل من حضر ممّن كان حوله، وشهد ذلك المحضر عن الدّعاء لأنفسهم، وأقبلوا على الاستماع له‏ عليه السلام، والتّأمين على دعائه قد اقتصروا على ذلك‏ لأنفسهم، ثمّ علّت أصواتهم بالبكاء معه، وغربت الشّمس وأفاض‏عليه السلام وأفاض ‏النّاس معه.(602)

وزاد في «الإقبال»: إِلهي أَنَا الْفَقيرُ في غِنايَ، فَكَيْفَ لا أَكُونُ فَقيراً في ‏فَقْري، إِلْهي أَنَا الْجاهُِل في عِلْمي، فَكَيْفَ لا أَكُونُ جَهُولاً في جَهْلي، إِلهي إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ، وَسُرْعَةَ طَوآءِ مَقاديرِكَ مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ ‏بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلى عَطآءِ وَالْيَأْسِ مِنْكَ في بَلآءٍ.

إِلهي مِنّي ما يَليقُ بِلُومي، وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ، إِلهي وَصَفْتَ‏ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفي، أَفَتَمْنَعُني مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفي، إِلهي إِنْ ظَهَرْتَ الْمَحاسِنَ مِنّي فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ، وَإِنْ ظَهَرْتَ الْمَساوي مِنّي فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ.

إِلهي كَيْفَ تَكِلْني وَقَدْ تَوَكَّلْتُ لي، وَكَيْفَ اُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لي، أَمْ ‏كَيْفَ أَخيبُ وَأَنْتَ الْحَفِيُّ بي، ها أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْري إِلَيْكَ، وَكَيْفَ‏ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالي وَهُوَلايَخْفى عَلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ اُتَرْجِمُ بِمَقالي وَهُوَ مِنْكَ بَرَزَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ ‏تُخَيِّبُ امالي وَهِيَ قَدْ وَفَدْتَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ لاتُحْسِنُ أَحْوالي وَبِكَ‏ قامَتْ.

إِلهي ما أَلْطَفَكَ بي مَعَ عَظيمِ جَهْلي، وَما أَرْحَمَكَ بي مَعَ قَبيحِ فِعْلي، إِلهي ما أَقْرَبَكَ مِنّي وَأَبْعَدَني عَنْكَ، وَما أَرْأَفَكَ بي فَمَْا الَّذي يَحْجُبُني‏عَنْكَ، إِلهي عَلِمْتَ بِاخْتِلافِ الْاثار، وَتَنَقُّلاتِ الْأَطْوارِ، أَنَّ مُرادَكَ مِنّي‏أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ في كُلِّ شَيْ‏ءٍ حَتَّى لا أَجْهَلَكَ في شَيْ‏ءٍ.

إِلهي كُلَّما أَخْرَسَني لُومي أَنْطَقَني كَرَمُكَ، وَكُلَّما ايَسَتْني أَوْصافي‏ أَطْمَعَتْني مِنَنُكَ، إِلهي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوي، فَكَيْفَ لاتَكُونُ ‏مَساويهِ مَساوي، وَمَنْ كانَتْ حَقايِقُهُ دَعاوي، فَكَيْف لاتَكُونُ دَعاويهِ ‏دَعاوي.

إِلهي حُكْمُكَ النَّافِذُ، وَمَشِيَّتُكُ الْقاهِرَةِ، لَمْ يَتْرُكا لِذي مَقالٍ مَقالا، وَلا لِذي حالٍ حالا، إِلهي كَمْ مِنْ طاعَةٍ بَنَيْتَها، وَحالَةٍ شَيَّدَتْها، هَدَمَ ‏اعْتِمادي عَلَيْها عَدْلُكَ، بَلْ أَقالَني مِنْها فَضْلُكَ. إِلهي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنّي وَإِنْ ‏لَمْ تَدْمِ الطَّاعَةُ مِنّي فِعْلاً جَزْماً، فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً.

إِلهي كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْقاهِرُ، وَكَيْفَ لا أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْامِرُ. إِلهي ‏تَرَدُّدي فِي الْاثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ، فَاجْمَعْني عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُني ‏إِلَيْكَ، كَيْفَ يَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ في وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ، أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ ‏مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونُ هُوَ الْمُظْهِرُ لَكَ، مَتى غِبْتَ حَتَّى‏تَحْتاجُ إِلى دَليلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الْاثارُ هِيَ الَّتي ‏تُوصِلُ إِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لاتَراكَ عَلَيْها رَقيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ‏ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً.

إِلهي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْاثارِ، فَارْجِعْني إِلَيْكَ بِكَسْوَةِ الْأَنْوارِ، وَهِدايَةِ الْإِسْتِبْصارِ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها كَما خَلَتْ إِلَيْكَ مِنْها، مَصُونَ ‏السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الْإِعْتِمادِ عَلَيْها، إِنَّكَ عَلى كُلّ ‏شَيْ‏ءٍ قَديرٌ.

إِلهي هذا ذُلّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهذا حالي لايَخْفى عَلَيْكَ، مِنْكَ ‏أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ، وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِني بِنُورِكَ إِلَيْكَ، وَأَقِمْني بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ. إِلهي عَلِّمْني مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ، وَصُنّي بِسِرِّكَ الْمَصُونِ. إِلهي حَقِّقْني بِحَقايِقِ أَهْلِ الْقُرْبِ، وَاسْلُكْ بي ‏مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ. إِلهي أَغْنِني بِتَدْبيرِكَ لي عَنْ تَدْبيري، وَبِاخْتِيارِكَ‏ عَنِ اخْتِياري، وَأَوْقِفْني عَلى مَراكِزِ اضْطِراري.

إِلهي أَخْرِجْني مِنْ ذُلِّ نَفْسي، وَطَهِّرْني مِنْ شَكّي وَشِرْكي، قَبْلَ‏ حُلُولِ رَمْسي، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْني، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلاتَكِلْني، وَإِيَّاكَ ‏أَسْئَلُ فَلاتُخَيِّبْني، وَفي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلاتَحْرِمْني، وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ‏ فَلاتَبْعُدْني، وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلاتَطْرُدْني. إِلهي تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ ‏عِلَّةً مِنْكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةً مِنّي.

إِلهي أَنْتَ الْغَنِيُّ بِذاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لاتَكُونُ غَنِيّاً عَنّي. إِلهي إنَّ الْقَضآءَ وَالْقَدَرَ يُمَنّيني، وَإِنَّ الْهَوى بِوَثآئِقِ الشَّهْوَةِ أَسِرْني، فَكُنْ أَنْتَ النَّصيرُ لي حَتَّى تَنْصُرَني وَتُبْصِرَني، وَأَغْنِني ‏بِفَضْلِكَ حَتَّى أَسْتَغْني بِكَ عَنْ طَلَبي.

أَنْتَ الَّذي أَشْرَقْتَ الْأَنْوارَ في قُلُوبِ أَوْلِيآءِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ ‏وَوَحَّدُوكَ، وَأَنْتَ الَّذي أَزَلَّتِ الْأَغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّآئِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ، وَلَمْ يَلْجَأُ إِلى غَيْرِكَ، أَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ، وَأَنْتَ الَّذي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ،وَمَا الَّذي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ، لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَمَنْ بَغِيَ عَنْكَ مُتَحَوِّلاً، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ، وَأَنْتَ ما قَطَعَتِ الْإِحْسانُ، وَكَيْفَ يَطْلُبُ مِنْ غَيْرِكَ، وَأَنْتَ ما بَدَّلَتْ عادَةُ الْإِمْتِنانِ.

يا مَنْ أَذاقَ أَحِبَّآءُهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقينَ، وَيامَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيآءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ، أَنْتَ ‏الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرينَ، وَأَنْتَ الْبادي بِالْإِحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدينَ، وَأَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطآءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبينَ، وَأَنْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضينَ.

إِلهي اُطْلُبْني بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ، وَاجْذُبْني بِمَنِّكَ حَتَّى أَقْبِلَ ‏إِلَيْكَ. إِلهي إِنَّ رَجآئي لايَنْقَطِعُ عَنْكَ، وَإِنْ عَصَيْتُكَ، كَما أَنَّ خَوْفي‏لايَرايِلُني، وَإِنْ أَطَعْتُكَ فَقَدْ دَفَعْتَنِي الْعَوالِمُ إِلَيْكَ وَقَدْ أَوْقَعَني عِلْمي ‏بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ. إِلهي كَيْفَ أَخيبُ وَأَنْتَ أَمَلي، أَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ‏ مُتَّكَلي. إِلهي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزَتْني، أَمْ كَيْفَ لا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ ‏نَسَبْتَني.

إِلهي كَيْفَ لا أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذي فِي الْفُقَرآءِ أَقَمْتَني، أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَني، وَأَنْتَ الَّذي لا إِلهَ غَيْرُكَ، تَعَرَّفْتَ لِكُلّ‏ شَيْ‏ءٍ فَما جَهِلَكَ شَيْ‏ءٌ، وَأَنْتَ الَّذي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ في كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَرَأَيْتُكَ‏ ظاهِراً في كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ.

يا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْضُ غَيْباً في ذاتِهِ، مَحَقْتَ الْاثارَ بِالْاثارِ، وَمَحَوْتَ الْأَغْيارَ بِمُحيطاتِ أَفْلاكِ الْأَنْوارِ. يا مَنِ احْتَجَبَ في‏ سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الْأَبْصارُ، يا مَنْ تَجَلَّى بِكَمالِ بَهآئِهِ ‏فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ مِنَ الْإِسْتِوآءِ كَيْفَ تُخْفى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ، أَمْ كَيْفَ تَغيبُ‏ وَأَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ، وَالْحَمْدُ للَّهِِ وَحْدَهُ.(603)

قال العلاّمة المجلسي ‏رحمه الله في «البحار»: أقول: قد أورد الكفعميّ‏ رحمه الله أيضاً هذاالدّعاء في البلد الأمين(604) وابن طاووس ‏رحمه الله في «مصباح الزائر» كما سبق ذكرهما، ولكن ليس فى آخره فيهما بقدر ورق تقريباً وهو من قوله: «إِلهي أَنَا الْفَقيرُ في‏غِناي» إلى آخر هذا الدعاء، وكذا لم يوجد هذه الورقة في بعض النسخ العتيقة من ‏الإقبال أيضاً، وعبارات هذه الورقة لاتلائم سياق أدعية السّادة المعصومين ‏عليهم السلام‏ أيضاً، وإنّما هي على وفق مذاق الصّوفيّة، ولذلك قد مال بعض الأفاضل إلى كون‏هذه الورقة من مزيدات بعض مشايخ الصوفيّة ومن إلحاقاته وإدخالاته.

وبالجملة هذه الزيادة إمّا وقعت من بعضهم أولاً في بعض الكتب، وأخذ ابن ‏طاووس ‏رحمه الله عنه في «الإقبال» غفلة عن حقيقة الحال، أو وقعت ثانياً من بعضهم في ‏نفس كتاب «الإقبال»، ولعلّ الثاني أظهر على ما أو مأنا إليه من عدم وجدانها في ‏بعض النسخ العتيقة وفي «مصباح الزائر»، واللَّه أعلم بحقايق الأحوال.(605)


591) الشورى: 11.

592) إبراهيم: 34.

593) الأنبياء: 22.

594) الإخلاص: 3 و4.

595) فلاتبسلني، خ.

596) مريم: 1.

597) طه: 1.

598) يس: 1 و2.

599) غافر: 19.

600) يوسف: 84.

601) الأنبياء: 87 .

602) البلد الأمين: 352، زاد المعاد: 260، وفي إقبال الأعمال: 651، مفتاح الجنّات: 323/3، وأبواب الجنان وبشائرالرضوان: 718، وعمدة الزائر في الأدعية والزيارات بزيادة.

603) الإقبال الأعمال: 339.

604) البلد الأمين: 251.

605) بحار الأنوار: 216/98.

 

 

 

منبع: الصحیفة الحسینیة المقدسة 109

 

 

 

بازدید : 1454
بازديد امروز : 9513
بازديد ديروز : 19024
بازديد کل : 127567769
بازديد کل : 88855903