الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
طين قبر الحسين ‏عليه السلام شفاء

طين قبر الحسين ‏عليه السلام شفاء

في «كامل الزيارات»: عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين ‏عليه السلام فينتفع به، ويأخذ غيره فلاينتفع به، فقال:

لا والله الّذي لا إله إلاّ هو؛ ما يأخذه أحد، وهو يرى أنّ الله ينفعه به إلاّ نفعه‏ الله به.(1)

في «كامل الزيارات»: عن محمّد بن مسلم قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع، فقيل له: محمّد بن مسلم وجع، فأرسل اليّ أبو جعفر عليه السلام شراباً مع غلام مغطّى ‏بمنديل، فناولنيه الغلام وقال لي: إشربه فإنّه قد أمرني أن لا أبرح حتّى تشربه، فتناولته فإذاً رائحة المسك منه، وإذا بشراب طيب الطعم بارد، فلمّا شربته قال لي ‏الغلام: يقول لك مولاي: إذا شربته فتعال، ففكرت فيما قال لي، وما أقدر على‏ النهوض قبل ذلك على رجلي، فلمّا استقر الشراب في جوفي فكأنّما نشطت من ‏عقال، فأتيت بابه، فاستأذنت عليه، فصوّت بي: صحّ الجسم، أدخل.

فدخلت عليه وأنا باك، فسلمت عليه، وقبّلت يده ورأسه، فقال لي: وما يبكيك‏ يا محمّد. قلت: جعلت فداك؛ أبكي على اغترابي، وبُعد الشقّة، وقلّة القدرة على‏ المقام عندك أنظر إليك، فقال لي:

أمّا قلة القدرة، فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودّتنا وجعل البلاء إليهم‏ سريعاً، وأمّا ما ذكرت من الغربة، فإنّ المؤمن في هذه الدنيا غريب، وفي ‏هذا الخلق المنكوس حتّى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله، وأمّا ما ذكرت من بُعد الشقّة، فلك بأبي عبدالله ‏عليه السلام اُسوة بأرض نائية عنّا بالفرات، وأمّا ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا، وأنّك لاتقدر على ذلك، فالله ‏يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه.

ثمّ قال لي: هل تأتي قبر الحسين ‏عليه السلام؟

قلت: نعم؛ على خوف ووجل.

فقال ‏عليه السلام: ما كان في هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف، ومن خاف ‏في إتيانه أمن الله روعته يوم يقوم الناس لربّ العالمين، وانصرف بالمغفرة وسلمت عليه الملائكة، وزاره النبي ‏صلى الله عليه وآله وسلم وما يصنع، ودعا له، إنقلب‏ بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء، واتّبع رضوان الله.

ثمّ قال لي: كيف وجدت الشراب؟

فقلت: أشهد أنّكم أهل بيت الرحمة، وأنّك وصيّ الأوصياء، ولقد أتاني الغلام ‏بما بعثته، وما أقدر على أن استقل على قدمي، ولقد كنت آيساً من نفسي، فناولني ‏الشراب فشربته، فما وجدت مثل ريحه، ولا أطيب من ذوقه ولا طعمه، ولا أبرد منه، فلمّا شربته قال لي الغلام: أنّه أمرني أن أقول لك، إذا شربته فاقبل إليّ، وقد علمت شدّة ما بي.

فقلت: لاذهبنّ إليه، ولو ذهبت نفسي. فاقبلت إليك فكأنّي نشطت من عقال، فالحمد لله الّذي جعلكم رحمة لشيعتكم. فقال:

يا محمّد؛ إنّ الشراب الّذي شربته، فيه من طين قبر الحسين ‏عليه السلام وهو أفضل ما استشفي به فلا نعدل به، فأنّا نسقيه صبياننا ونساءنا،  فنري فيه‏ كلّ خير.

فقلت له: جعلت فداك؛ أنا لنأخذ منه ونستشفي به.

فقال: يأخذه الرجل فيخرجه من الحائر، وقد أظهره فلا يمرّ بأحد من ‏الجنّ به عاهة، ولا دابة ولا شي‏ء به آفة إلاّ شمّه، فتذهب بركته فيصير بركته لغيره، وهذا الّذي نتعالج به ليس هكذا، ولولا ما ذكرت لك ما يمسح‏ به شي‏ء، ولا شرب منه شي‏ء إلاّ أفاق من ساعته، وما هو إلاّ  كالحجر الأسود أتاه أصحاب العاهات والكفر والجاهلية، وكان لايتمسّح به أحد إلاّ أفاق، وكان كأبيض ياقوتة فأسودّ حتّى صار إلى ما رأيت.

فقلت: جعلت فداك؛ وكيف أصنع به؟

فقال: أنت تصنع به مع إظهارك إيّاه ما يصنع غيرك، تستخفّ به فتطرحه ‏في خرجك، وفي أشياء دنسة فيذهب ما فيه ممّا تريده له.

فقلت: صدقت جعلت فداك.

قال: ليس يأخذه أحد إلاّ وهو جاهل بأخذه، ولايكاد يسلم بالناس.

فقلت: جعلت فداك؛ وكيف لي أن أخذه كما تأخذه؟

فقال لي: أعطيك منه شيئاً.

فقلت: نعم.

قال: إذا أخذته فكيف تصنع به؟

فقلت: أذهب به معي.

فقال: في أيّ شي‏ء تجعله؟

فقلت: في ثيابي.

قال: فقد رجعت إلى ما كنت تصنع أشرب عندنا منه حاجتك ولاتحمله، فانّه لايسلم لك.

فسقاني منه مرّتين، فما أعلم إنّي وجدت شيئاً ممّا كنت أجد حتّى انصرفت.(2)

وروي عن الصّادق‏ عليه السلام حديث طويل جليل في فضل تربة الحسين‏ عليه السلام‏ والإستشفاء بها، من جملته:

وأمّا الشياطين وكفّار الجنّ فإنّهم يحسدون بني آدم عليها، فيتمسّحون‏ بها، ليذهب عامّة طيبها، ولا يخرج الطّين من الحائر إلاّ وقد استعدّ له ما لايُحصى منهم وأنّه لفي يد صاحبها وهم يتمسّحون بها، ولا يقدرون مع‏ الملائكة أن يدخلوا الحائر، ولو كان من التربة شي‏ءٌ يسلم، ما عولج به أحدٌ إلاّ برأ من ساعته، فإذا أخذتها فاكتمها، وأكثر عليها من ذكر اللَّه تعالى.(3)

وقال ‏عليه السلام:

قد بلغني أنّ بعض من يأخذ التربة ليطرحها في مخلاّة البغل والحمار، وفي أوعية الطعام، وفي ما يمسح به الأيدي من الطعام والجراب‏ والجوالق. فكيف يستشفي بها من هذه حالتها عنده؟! ولكنّ القلب الذي‏ ليس فيه اليقين من المستخف بما فيه صلاحه يفسد عليه عمله.(4)

قال الشيخ في «المصباح»: وروى محمّد بن سليمان البصريّ عن أبيه، عن أبي ‏عبدالله ‏عليه السلام قال:

في طين قبر الحسين ‏عليه السلام الشّفاء من كلّ داء، وهو الدّواء الأكبر.

وروى الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبدالله ‏عليه السلام يقول:

حنّكوا أولادكم بتربة الحسين‏ عليه السلام، فإنّها أمان.(5)

إنّنا نرى أنّ العلماء الأعلام وكبار مراجع الطائفة الحقّة لن يستفيدوا من تلك ‏الأسماء النورانيّة والمقدّسة فقط، وإنّما التبرك بتربتهم والتداوى بها من كلّ داء وسقم.

يكتب المرحوم المحدّث القمّي: كان المرحوم السيّد نعمة الله الجزائرى لفقره وعوزه غير قادر على شراء مصباح للقراءة، ولهذا كان يستفيد من ‏نور القمر، فأصيبت عيناه بالضعف الشديد، وذلك لكثرة المطالعة والدراسة، فعمل على مسح تربة الإمام الحسين ‏عليه السلام وسائر الأئمّة الأطهار عليهم السلام في العراق‏ عليها الأمر الذى أدى إلى زيادة بصرها.

ومن ثمّ يضيف: وكذلك فقد كنت أنا استفيد من تربة الأئمّة الأطهار عليهم أفضل ‏الصلاة والسلام كلّما أصيبت عيني بالضعف بعد الكتابة والقراءة، وكنت أمسح أحياناً بالأحاديث الواردة عنه، وأضعها عليها والحمد لله، فقد كانت عيناي قويّتين ولم‏ تصابا بالضعف ونرجو إن شاء الله أن تكتحل عيوننا وتتنوّر في الدنيا والآخرة بضياء نورهم وبركاتهم.(6)


(1) كامل الزيارات: 460 ح1.

(2) كامل الزيارات: 462 ح7، عنه البحار: 121/101 ح9، الوسائل: 526/14 (الإختصار).

(3) كامل الزيارات: 470 .

(4) رواه ابن قولويه في كامل الزيارات: 470 ح5.

(5) الصحيفة الباقرية والصادقيّة الجامعة: 238.

(6) اسرار النجاح: 103/2، الفوائد الرضويّة، المحدّث القمى ‏رحمه الله: 695.

 

 

    زيارة : 2662
    اليوم : 53809
    الامس : 83753
    مجموع الکل للزائرین : 131046574
    مجموع الکل للزائرین : 90928739