الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
قصّة غريبة في أنّ التّربة الشّريفة من تراب الجنّة

   قصّة غريبة في أنّ التّربة الشّريفة من تراب الجنّة

أقول: إنّ من أعجب ما سمعت ما وقع في زمن بعض السّلاطين الصّفويّة في ‏بلدة أصفهان، وذلك أنّه جاء إلى ذلك السّلطان من عند ملك الافرنج سفير من ‏أركان دولته وأفخاذ ملّته، فكان يريد أن يبيّن علماء الإسلام في ذلك الزّمان دليلاً لنبوّة نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم ويكون هذا الدّليل بحيث يلزم ويفحم به الخصم ويقطع معاذيره‏ ويزيل شبهاته، وكان يقول: فإن عجزتم عن استنهاض ذلك وانحصر أمركم في‏ الاحتجاج بالتّواتر فأقرّوا بأنّكم لستم على شي‏ء من الحقّ. وكان ذلك السّفير ممّن له حذاقة في الصّناعة الرّياضيّة من علم الهيئة والحساب والنّجوم والأسطرلاب‏ ونحو ذلك، وكان كثيراً ما يدّعي أنّه يخبر عن أحوال الجلاّس عنده، أي عمّا فعلوا في بيوتهم وعمّا يجري عليهم من الحوادث والبلايا ونحو ذلك. فأمر السّلطان ذات يوم بإحضار العلماء الأعلام في بلدة أصفهان، فلمّا حضروا في‏ مجلس السّلطان قال واحد منهم - ويقال إنّه كان المحدّث الكاشانى، أي صاحب‏ الوافي والصّافى - : أيّها السّفير المسيحيّ! ما أقلّ عقل سلطانكم وأعضاد ملّتكم‏ حيث أنفذوا في مثل هذا الأمر الأعظم مثلك، فإنّ صاحب هذا الشّان لابدّ من أن ‏يكون أكمل رجال ملّته وأعلمهم بالعلوم والفنون.

فلمّا سمع السّفير المسيحيّ هذا الكلام الغليظ منه، ارتعدت فرائصه وكاد أن ‏يهلك من شدّة الغيظ وغلبة الغضب، فقال: أيّها العالم الإسلاميّ! أربع على‏ ضلعك ولا تجاوز قدرك، فوحقّ المسيح واُمّه لو كنت عرفت مقدار ما أحطت‏ من العلوم والكلمات، لكنت مذعناً بأنّ النّساء ما قمن من مثلي وأنا الأحقّ ‏الأولى بهذا الأمر وحدي، فعند الاستبار يعرف مقادير كمالات الرّجالات، فامتحن تصدّق قولي.

فعند ذلك أدخل الفاضل الكاشانى إحدى يديه إلى جيبه، ثمّ أخرجها مقبوضة، فقال: ما حوى في يدي هذه؟ فلمّا  تفكّر المسيحيّ مقدار نصف ساعة، اصفرّ وجهه وتغيّر لونه، فقال الكاشاني: ما أظهر جهلك وأبطل دعواك؟ قال ‏السّفير: وحقّ المسيح واُمّه إنّي عالم بما في يدك، ولكن تفكّري وسكوتي من ‏جهة اُخرى، فقال الكاشاني: كيف إذن؟ قال المسيحيّ: ما في يدك تربة من تراب ‏الجنّة، ولكن أتفكّر في وجه وصوله إلى يدك، فقال الكاشاني: لعلّك غلطت في‏ الحساب، أو أنّ قواعدك غير تامّة. قال السّفير: لا وحقّ المسيح واُمّه، فقال ‏الكاشانيّ: كيف يتصوّر ذلك؟ قال السّفير: إنّ عجزي ليس إلاّ في تصوّر ذلك، فقال الكاشاني: أيّها السّفير! إنّ ما في يدي تربة كربلاء، وإنّ نبيّنا قال: «كربلاء قطعة من الجنّة»، فما لك بدُّ من الإيمان به، مع أنّك قاطع بأنّ قواعد علمك‏ وحسابك ممّا لا يتخلّف عن الصّدق والواقع؟ فقال السّفیر: صدقت أيّها العالم ‏الإسلاميّ، فأسلم السّفير بين يديه، فهذا من بركات تربة سيّدالشّهداء.(1)

 

(1) موسوعة الإمام الحسين ‏عليه السلام: 336/24.

 

    زيارة : 2670
    اليوم : 49120
    الامس : 83753
    مجموع الکل للزائرین : 131037198
    مجموع الکل للزائرین : 90924050