الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
(15) الدعاء عند أكل التربة

(15)

الدعاء عند أكل التربة

في «المصباح الزائر»: روي أنّ رجلاً سأل الصادق ‏عليه السلام فقال: إنِّي سمعتك تقول ‏إنّ تربة الحسين ‏عليه السلام من الأدوية المفردة، وأنّها لا تمرّ بداء إلاّ هضمته.

فقال ‏عليه السلام: قد كان ذلك، أو قد قلت ذلك، فما بالك؟

قال: إنّي قد تناولتها، فما انتفعت بها!

قال ‏عليه السلام: أما؛ إنّ لها دعاء، فمن تناولها ولم يدع به واستعملها لم يكد ينتفع بها.

قال: فقلت له: ما أقول إذا تناولت التربة؟ قال:

قبّلها قبل كلّ شي‏ء، وضعها على عينيك، ولاتناول منها أكثر من ‏حمّصة، فإنّ من تناول منها أكثر من ذلك، فكأنّما أكل من لحومنا، فإذا تناولت فقل:

أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْئَلُكَ بِحَقِّ الْمَلَكِ الَّذِي قَبَضَهَا، وَأَسْئَلُكَ بِحَقِّ الْمَلَكِ ‏الَّذِي خَزَنَهَا، وَأَسْئَلُكَ بِحَقِّ الْوَصِيِّ الَّذِي حَلَّ فِيهَا، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَهَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَأَمَاناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، وحِفْظاً مِنْ كُلِّ سُوءٍ.

فإذا فعلت ذلك، فاشددها في شي‏ء، واقرأ عليها «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ»، فإنّ الدعاء الّذي قدّمناه هو الإستئذان، والقراءة هي ختمها. وتقول عند أكلها:

بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ، أَللَّهُمَّ اجْعَلْهُ رِزْقاً وَاسِعاً، وَعِلْماً نَافِعاً، وَشِفَاءً مِنْ ‏كُلِّ دَاءٍ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.(1)

 أنّه قد تكرّر ذكر التّناول في السؤال والجواب «ستّ مرّات»، إلاّ أنّه لا شكّ أنّ التناول في قول السائل «إنّي تناولتها»، بمعنى «الأكل»، فالظاهر إنّ التّناول في الجواب في قوله «فمن تناولها»، بمعنى «الأكل» أيضاً، قضيّة ظهور تطابق الجواب والسؤال.

ويمكن أن يكون «التّناول» بمعنى الأخذ، إلاّ أنّه يبعد سؤال السائل، ثانياً عن‏ الدّعاء المذكور بإشتراط التّناول به، لعدم إطّلاعه على كون الغرض من التّناول في ‏الجواب هو الأخذ، لظهور التّناول في الجواب، بمقتضى ظهور مطابقة الجواب ‏للسؤال، لفرض كون السؤال عن التّناول بمعنى الأكل في الأكل، ولا شكّ أنّ‏ التّناول في السؤال الثّاني، بمعنى الأكل أيضاً قضيّة كونه سؤالاً عن الدّعاء المذكور بالإشتراط في التّناول المذكور في الجواب المقصود به الأكل فرضاً.

ولايخفى عليك أنّ السؤال الثاني، كان عن الدّعاء المذكور بالإشتراط في ‏الجواب عن السؤال الأوّل، لكن الجواب إنّما يكون بالفعل؛ اللّهمّ إلاّ أن يكون، ذكر الفعل تمهيداً لذكر دعاء الأكل في قوله‏ عليه السلام «وإذا تناولتها فقل:» لكن يظهر بعيداً هذا، إنّ التّناول فيه بمعني الأخذ، والظّاهر أنّ «التّناول» قوله ‏عليه السلام «ولاتناول‏ منها أكثر من حمّصة» بمعنى الأكل أيضاً قضيّة السّوق.

مضافاً إلى شهادة التشبيه في قوله ‏عليه السلام «فكأنّما أكل من لحومنا أو دمائنا» بكون ‏المقصود بالتّناول المشار إليه هو الأكل، فالتّناول في قوله ‏عليه السلام «فإنّ من تناول منها» بمعنى «الأكل» أيضاً، لقضيّة السّوق وشهادة التشبيه أيضاً، لكن مقتضى ما رواه ‏الكفعمي كما يأتي كون المنهي عنه هو الزّيادة على الحمّصة في الأخذ، وأمّا التّناول في قوله‏ عليه السلام «وإذا تناولتها فقل» لابدّ أن يكون بمعني الأخذ، بملاحظة قوله ‏عليه السلام «وإذا قلت ذلك، فاشددها في شي‏ءٍ»، إذ لا مجال للشدّ المتعقّب للدّعاء المتعقّب للتّناول، لو كان التّناول بمعني الأكل، لوضوح أنّه لا معني لشدّ المأكول، مضافاً إلى قوله‏ عليه السلام «فإنّ الدّعاء الّذي يقدّم لأخذها»، إذ الدّعاء المتقدّم كان ‏للتّناول، فأخذ الأخذ هنا يشهد بكون التّناول المشار إليه بمعني الأخذ.

وروى الحسن بن عليّ بن فضّال عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام، قال:

إنّ الله تعالى خلق آدم من الطّين، فحرّم الطّين على ولده.

قال: قلت: ما تقول في طين قبر الحسين‏ عليه السلام؟

قال: يحرّم على النّاس أكل لحومنا، ولكن اليسير منه مثل الحمّصة.(2)

 

(1) المزار الكبير: 363، كامل الزيارات: 476 ح1، ونحوه في الصحيفة الصادقيّة: 297.

(2) الإستشفاء بالتّربة الشريفة الحسينيّة: 56، مصباح المتهجد: 734 - 732، عنه البحار: 130/101، كامل الزّيارات:479 ح3.

 

    زيارة : 2537
    اليوم : 13810
    الامس : 85111
    مجموع الکل للزائرین : 131136619
    مجموع الکل للزائرین : 90973850