الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
في بيان مقدار ما يجوز تأخير الزيارة

في بيان مقدار ما يجوز تأخير الزيارة

صفوان الجمال، قال:

سألت أباعبدالله عليه السلام ونحن في طريق المدينة نريد مكّة، فقلت له: يابن رسول‏ الله مالي أراك كئيباً حزيناً منكسراً، فقال لي:

لو تسمع ما اسمع لشغلك عن مساءلتي، قلت: وما الّذي تسمع، قال: ابتهال الملائكة إلى الله على قتلة أميرالمؤمنين‏ عليه السلام وعلى قتلة الحسين‏ عليه السلام، ونوح الجن عليهما، وبكاء الملائكة الّذين حولهم وشدّة حزنهم، فمن يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم.

قلت له: فمن يأتيه زائراً ثمّ ينصرف فمتى يعود إليه وفي كم يؤتي وفي كم‏ يسع النّاس تركه، قال: أما القريب فلا أقل من شهر، وأما بعيد الدار ففي ‏كلّ ثلاث سنين (1) ، فما جاز الثلاث سنين فقد عق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقطع‏ رحمه الا من علة، ولو يعلم زائر الحسين‏ عليه السلام ما يدخل على رسول الله ومايصل إليه من الفرح وإلى أميرالمؤمنين وإلى فاطمة والأئمّة والشهداء منا أهل البيت وما ينقلب به من دعائهم له وما له في ذلك من الثواب في ‏العاجل والاجل والمذخور له عندالله، لاحب أن يكون ماثم(2)  داره ما بقي.

وان زائره ليخرج من رحله فما يقع فيؤه على شي‏ء الا دعا له، فاذا وقعت ‏الشمس عليه اكلت ذنوبه كما تأكل النار الحطب، وما تبقي الشمس عليه ‏من ذنوبه شيئا فينصرف وما عليه ذنب وقد رفع له من الدرجات ما لا يناله ‏المتشحط بدمه في سبيل الله، ويوكل به ملك يقوم مقامه ويستغفر له‏ حتّى يرجع إلى الزيارة أو يمضي ثلاث سنين أو يموت - وذكر الحديث ‏بطوله.(3)

وفي الرواية نكات مهمّة يلزم التوجّه إليها: منها انّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‏وأميرالمؤمنين ‏عليه السلام وسيّدة النساء فاطمة الزّهراء والأئمّة عليهم السلام والشهداء يدعون له‏ بحيث ينقلب بدعائهم له.

2- علي بن ميمون الصائغ، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال:

يا علي بلغني ان قوماً من شيعتنا يمر باحدهم السنة والسنتان لا يزورون ‏الحسين‏ عليه السلام.

قلت: جعلت فداك إنّي أعرف اناساً كثيرة بهذه الصفة، قال: أما والله لحظّهم أخطأوا وعن ثواب الله زاغوا وعن جوار محمّد صلى الله عليه وآله وسلم تباعدوا، قلت: جعلت فداك في كم الزيارة، قال: يا علي ان قدرت أن تزوره في كلّ ‏شهر فافعل.

قلت: لا أصل إلى ذلك لاني أعمل بيدي وأمور النّاس بيدي ولا أقدر ان ‏اغيب وجهي عن مكاني يوماً واحداً، قال: أنت في عذر ومن كان يعمل‏ بيده؛ وإنّما عنيت من لا يعمل بيده ممّن إن خرج في كلّ جمعة هان ذلك ‏عليه، أما إنّه ما له عندالله من عذر ولا عند رسوله من عذر يوم القيامة.

قلت: فان أخرج عنه رجلاً  فيجوز ذلك، قال: نعم وخروجه بنفسه أعظم ‏أجراً وخيراً له عند ربّه، يراه ربّه ساهر اللّيل له تعب النّهار، ينظر الله إليه ‏نظرة توجب له الفردوس الأعلى مع محمّد وأهل بيته، فتنافسوا في ذلك‏ وكونوا من أهله.(4)

نكتة: إنّ بعض المتموّلين لايمكن لهم زيارة مولانا أبي عبدالله الحسين ‏عليه السلام ‏لعذر من الاعذار، فيجوز لهم ان يجهّزوا غيرهم لزيارته صلوات الله عليه كما قال الراوي قلت: فان اخرج عنه رجلاً فيجوز ذلك؟ قال: نعم....

3- أبوالجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال لي:

كم بينكم وبين الحسين‏ عليه السلام؟ قال: قلت يوم للراكب ويوم وبعض للماشي‏ قال أفتأتيه كلّ جمعة؟ قال: قلت لا ما آتيه إلا في الجمعتين(5) قال: ماأجفاك أما لو كان قريباً منا لا تخذناه هجرة - أي نهاجر إليه.(6)

هذا الحديث يدلّ على جواز التوطن في كربلاء بل يدلّ على فضيلته.

 

 


(1) يمكن حمل الثلاث على المتوسط في البعد والاربع - كما في الحديث السابق - على ما كان أبعد منه، أو على اختلاف‏ الناس في القدرة.

(2) ما تم (خ ل)، وما ثم أي يكون داره عنده ‏عليه السلام لا يفارقه، وما تم اي ما تم وما استقر به داره.

(3) كامل الزيارات: 495 ح17، عنه البحار: 14/101 ح14، المستدرك: 343/10.

(4) كامل الزيارات: 492 ح11، عنه البحار: 12/101 ح1، المستدرك: 263/10.

(5) كامل الزيارات: في حين.

(6) ثواب الأعمال: 88.

 

 

    زيارة : 3554
    اليوم : 43396
    الامس : 49009
    مجموع الکل للزائرین : 129091933
    مجموع الکل للزائرین : 89635974