الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
إرشادات الإمام الرّضا عليه السلام حول معرفة طبيعة الأشخاص

  إرشادات الإمام الرّضا عليه السلام حول معرفة طبيعة الأشخاص

  نقول : إنّه مع الأسف الشّديد ، فإنّ مثل هؤلاء الأشخاص تكون لديهم القابليّة والقدرة الكافية لمدّ جسور الصّداقة ظاهرياً ، وإيجاد موطئ قدم لهم في المجتمع ، ويتكيّفون مع الأحداث والوقائع من أجل استيعاب وجذب أكبر عدد ممكن من النّاس ، وأمّا في الباطن فتراهم آلة طوعيّة ومطيّة يمتطيها الأعداء والعمل لكلّ ما يراد منهم وإن كانت على مصلحة الوطن أو المذهب .

  وعلى هذا الأساس فإنّ الإمام الرّضا عليه السلام يحذر بشدّة من هذه الفئة ، ويؤكّد على معرفتهم وتشخيصهم ، وعدم الإنخداع بمظاهرهم وأشكالهم ، وإليك عزيزي القارئ المقياس والضابط الّذي وضعه الإمام عليه السلام في معرفة مثل هؤلاء الأشخاص من خلال هاتين الرّوايتين :

  1 - عن الإمام الرّضا عليه السلام أنّه قال :

قال عليّ بن الحسين‏ عليهما السلام : إذا رأيتم الرّجل قد حسن سمته وهديه ، وتماوت في منطقه ، وتخاضع في حركاته ، فرويداً ؛ لايغرنّكم ، فما أكثر من يعجزه تناول الدّنيا ، وركوب المحارم منها ؛ لضعف نيّته ومهانته وجبن قلبه ، فنصب الدّين فخّاً لها ، فهو لايزال يختلّ الناس بظاهره ، فإن تمكّن من حرام اقتحمه .

 وإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام ، فرويداً لايغرّنّكم ؛ فإنّ شهوات الخلق مختلفة ، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر ، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة ، فيأتي منها محرّماً .

 فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك ، فرويداً ؛ لايغرّنّكم حتّى تنظروا ما عقدة عقله ، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ، ثمّ لايرجع إلى عقل متين ، فيكون ما يفسده بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله .

 فإذا وجدتم عقله متيناً ، فرويداً ؛ لايغرّنّكم حتّى تنظروا أمع هواه يكون على عقله أو يكون مع عقله على هواه ؟ وكيف محبّته للرياسات الباطلة وزهده فيها؟ فانّ في النّاس من خسر الدّنيا والآخرة يترك الدّنيا للدّنيا ، ويرى أنّ لذّة الرياسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال والنّعم المباحبة المحلّلة ، فيترك ذلك أجمع طلباً للرّياسة الباطلة ، «وَإِذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ اَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْاِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهاد»(34) ، فهو يخبط خبط عشواء يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة ، ويمدّه ربّه بعد طلبه ؛ لما لايقدر عليه في طغيانه ، فهو يحلّ ما حرّم اللَّه ، ويحرّم ما أحلّ اللَّه ، لايبالي ما فات من دينه إذا سلمت له رياسته الّتي قد شقى من أجلها . فاولئك الّذين غضب اللَّه عليهم ، ولعنهم وأعدّ لهم عذاباً مهيناً .

 ولكنّ الرّجل كلّ الرّجل نعم الرّجل ، هو الّذي جعل هواه تبعاً لأمر اللَّه ، وقواه مبذولة في رضى اللَّه ، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ فى الباطل ، ويعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لاتبيد ولاتنفد ، وإنّ كثير ما يلحقه من سرّائها أن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له ولا زوال .

 فذلكم الرّجل نعم الرّجل ؛ فَبِه فتمسّكوا ، وبسنّته فاقتدوا ، وإلى ربّكم فيه فتوسّلوا ؛ فإنّه لاتردّ له دعوة ، ولاتخيب له طلبة.(35)


34) سورة البقرة ، الآية 206 .

35) جامع أحاديث الشيعة : 311/7 .

 

 

 

 

 

    زيارة : 8296
    اليوم : 62907
    الامس : 92721
    مجموع الکل للزائرین : 131596481
    مجموع الکل للزائرین : 91268036