الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
هدفيّة الإرادة والتصميم

   هدفيّة الإرادة والتصميم

لاشكّ فإنّ كلّ ما يتبلور في مخيلتنا ويرتسم فيها له التاثير بشكل أو بآخر على حياتنا، وليس الذي يجري على اللسان،ومن هذا الباب فإنّ الآمال القلبية العميقة والتطلعات والأفكار والعقائد هي التي توجد تغيراً وتحولاً في مسيرة حياتنا بعيدة عن ما يتظاهر به الإنسان والذي لايؤمن به قلبياً.

إنّ الكثير من الأشخاص يرسمون أهدافاً في حياتهم ويتحدثون عنها ولكنّهم في نهاية المطاف لايخطون حتّى خطوة واحدة إلى تحقيقها ويتركونها معلّقة على الصدفة، ولذا فإنّ مثل هؤلاء لن يصلوا إليها بتاتاً، فتراهم يكتفون بشظف‏ العيش! وفي مقابل ذلك فإنّ هناك ثلة تقطع مشواراً كبيراً في حركة حياتها وتطوي الفيافي لتصل إلى هدفها وتحقق الأمل‏ المنشود الذي رسمته في مخيلتها وتنجح في تحديد المسار الصحيح والنتيجة النجاح وفق كلّ المعاير والمقاييس.

فلماذا هناك مثل هؤلاء الأفراد؟ وآخرون لايحصدون من سنين أعمارهم سوى السراب والآمال التي لاجدوى منها،وفي النتيجة تتعثّر خطاهم في هذه الدنيا ولم يحققوا المراد منها ويبرّرون دوماً بأّن هناك جواذب ومؤثرات قوية ثقلت من‏ حركتهم نحو الوصول إلى الأهداف التي كانوا يطمحون إلى نيلها؟ مع أنّ البشرية جميعاً تتمتع بنعمة الإرداة ويمكنهم من‏خلالها الوصول إلى الأهداف التي يطمحون اليها حتى اُولئك الذين يؤمنون إيماناً راسخاً في قرارة أنفسهم بأن ليس لديهم‏ تلك الإرادة وأنّها انطوت وتآكلت مع مرور الزمن فإنّهم يتمتعون بمقدار منها وإن كان قليلاً.

فعلى سبيل المثال فإنّ الأشخاص الذين اعتادوا على تناول المواد المخدرة يعتقدون بأنّهم لايمتلكون الإرادة على ‏تركها ويرون أنّهم غير قادرين فعلاً على إتخاذ القرار المناسب وبالتالي يسعون وراء الحصول عليها بطريقة ما، فهؤلاءيملكون إرادة قوية وذلك من خلال طلبهم لها بأيّ صورة ومن ثم الحصول عليها، أليس هذه هي إرادة وعزيمة قوية؟!

وكذلك فإنّ هذا المثل يصدق على اُولئك المترفين الذين يودعون السجن لاقترافهم جرم، فحينما يواجهون العمل ‏الشاق ويشاهدون أنفسهم بين جدران أربعة يأخذون بالعمل ليلاً ونهاراً لأجل الهروب منه، وبعبارة اُخرى فإنّهم يقومون ‏بمختلف الأعمال التي لايمكن للشخص القيام بها في الظروف العادية، والإقدام على تفيذ أعقد الخطط وأكثرها مشقة لأجل الفرار من سجنهم!

نعم؛ فإنّ هؤلاء الأشخاص وأمثالهم يمتلكون الإرادة والعزيمة القوية ولكن إرادتهم ليس لها الهدف السليم والتوجه‏ الصحيح، ولذا فعليهم تصحيح مسارهم والإنطلاق في تجنيد الإرادة لكي تتحرك صوب الأساليب والطرق التي من شأنها كسب النتائج المهمّة والثمرات النافعة والأهداف السامية، وتكون سبباً في هدايتهم تجاه الطريق القويم والإستفادة منها في  خلق ممارسات ومعايير  إجتماعية إيجابية تصب في مناهل النور والخير، وسد طريق المفاسد والموبقات من قبيل‏تهيئة المواد المخدرة وغيرها.

ولا شكّ فإنّ الأشخاص الذين يكرمون إراداتهم في طريق الصلاح وأعمال الخير، والتحكم بها لصنع هدفية رصينة للترقي والبناء، تتنفتح عندهم آفاق رحبة في تشكيل اللبنات الأولى لتنمية روح التقوى وتقويتها.

 

 

 

 

 

    زيارة : 2718
    اليوم : 77002
    الامس : 109951
    مجموع الکل للزائرین : 132210585
    مجموع الکل للزائرین : 91686934