الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
تقوية الإرادة والنيّة

   تقوية الإرادة والنيّة

لقد تمكّن الملا صالح من الغلبة على جميع نواقصه عبر نيّة القربة والتصميم القاطع للوصول إلى أعلى المستويات‏ والمراحل العلمية، وعليك فإذا أراد الإنسان أن ينال رضا البارئ عزّ وجل وألطافه وعنايته، فلابدّ أن يبذل قصارى جهوده ‏وعدم التأرجح في الأفكار واتخاذ الرأي القاطع وإيجاد النيّة الصالحة وهو السبيل لإخراجه بكل تأكيد من حالة الوهن ‏والضعف. يكتب مولانا أميرالمؤمنين علي عليه السلام في إحدى رسائله:

فَاِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ بِقَدْرِ نِيَّتَهِ.(57)

وبالطبع فإنّ الله تبارك وتعالى يعطي العبد بمقدار النيّة التي نواها وبمقدار قيمتها الاعتبارية والمعنوية، فكلما كانت نيّة الإنسان خالصة لوجهه كلّما كان الأجر والثواب أكثر وأعظم.

ومن هذا المنطلق يجب على الإنسان أن يزيد من قيمة وعطاء نيّته وخلوصها وليس العمل على تزيين وتلميع العمل! فإنّ هذا المنحى لن يعود عليه بالنفع والصلاح والأجر والثواب.

ولابدّ من القول إنّ أوصياء الله تعالى والمؤمنين جميعاً هم بأمس الحاجة إلى التوفيق الرباني والعناية الإلهيّة للوصول‏ إلى أهدافهم المنشودة والعظيمة، ولا شك فإنّ العناية والتوفيق ذلك منوط بمقدار نياتهم. ويكشف الإمام الصادق ‏عليه السلام في ‏الرواية التالية عن ذلك السر فيقول:

اِنَّما قَدَّرَ اللَّهُ عَوْنَ الْعِبادِ عَلى قَدْرِ نِيَّاتِهِمْ، فَمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ تَمَّ عَوْنُ اللَّهِ لَهُ وَمَنْ قَصُرَتْ نِيَّتُهُ، قَصُرَ عَنْهُ الْعَوْنُ ‏بِقَدْرِ الَّذي قَصُرَ.(58)

وفي هذا الحديث الشريف يبيّن الإمام ‏عليه السلام أحد الأسرار الكامنة لنيل الموفقيّة والنجاح للعظماء وعدم توفيق الآخرين ‏وذلك باعتبار أنّ سرّ العناية الربانية وفيوضاته للناس ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمقدار نياتهم المبطنة.

وعادة ما تصل الإرادة والعزيمة بالفرد إلى إيجاد قدرة وعطاء في داخله تجعله يتجاوز الكثير من الصعاب والمشاكل، فإذا عزم على شي‏ء وبنى قواعده الرصينة بشكل صحيح فإنّه باستطاعته من التفوق على حالات الضعف الجسدي التي‏ تعتريه، ويكون على أهبة الاستعداد لتحمل كلّ ما يقف في طريقه من عقبات؛ لأنّ قدرة النيّة والقصد بالقيام بأمر وفعل ما،تلعب دوراً أساسيّاً في التغطية على الضعف الجسدي.

عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

ما ضَعُفَ بَدَنٌ عَمَّا قَوِيَتْ عَلَيْهِ النِّيَّةُ.(59)

ولعلّ الكثير من الرياضين واُولئك الذين يمارسون الألعاب القتالية يعملون على الإستفادة من التقوية الروحية والمعنوية أكثر من تقوية التمارين الرياضية؛ لأنّهم على علم أنّ تقوية الفكر والإرادة والقدرة على العزيمة والتصميم والنيّة لها كلّ الأثر في تقوية الأعضاء الجسدية.

ويعتقد الكثير من العلماء في الوقت الحاضر أنّ الشباب والقدرة والشيخوخة والضعف مصدرها هو أمر خارج عن‏ وظائف الجسم، فهؤلاء يقولون: إنّ هناك هالة من الأثير تحيط بأطراف جسم الإنسان وهي التي توثر بشكل مباشر وتتحكم في عملية قوته وضعفه. 

ومع أن هذا الموضوع لايقبله الجميع ولكن حسب تلك النظرية يمكن القول: إنّ الفكر والعقيدة يصبان في قالب الهالة الأثيرية، وإنّ تلك الهالة لها الوقع الأكبر في صحة وسقم الجسد أو في قوته وضعفه وحتى في حياته وموته.


57) بحار الأنوار: 588/33.

58) بحار الأنوار: 211/70.

59) امالى الصدوق: 198، نقلاً عن بحار الأنوار: 205/7.

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2629
    اليوم : 67608
    الامس : 109951
    مجموع الکل للزائرین : 132191796
    مجموع الکل للزائرین : 91668146