الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
قسم من العلوم والمعارف

قسم من العلوم والمعارف

لانعدو الصواب إذا أطلقنا القول بأنّه يوجد في كلمات أهل البيت صلوات اللَّه ‏عليهم أجمعين امواج متلاطمة من العلوم والمعارف الإلهية، وفيها القدرة والمرونة على استيعاب كلّ متطلبات الزمان والمكان وتلبية حاجات الإنسان في جميع‏ نواحي الحياة، فعند الرجوع إلى تلك الأحاديث التي لا مثيل لها من حيث ‏البلاغة والمعنى والجمالية في التركيب يمكن الولوج في بحر عميق غير متناهٍ ‏من العلوم والمعارف ومن خلال الأنوار التي تشع والنابعة من الوحي ستنير القلوب وتشكل نبعاٌ مستديماً ينهل منه الإنسان دوماً وكونت خزانة من العلوم ‏القرآنية والطبيعية والعلمية والعملية أغنت وجدان الإنسانية بشكل عام‏ والشيعة بشكل خاص، حيث تدفعم في طريق التقدم وتفتح أمامهم آفاقاًرحبة.

والآن نتطرّق هنا إلى مثل تلك الأحاديث والكلمات لتصفّي القلوب وتنقيها وتظفى عليها جانباً من النشاط والحيوية، وذلك من خلال التدبر والتقكر والإمعان بها.

عن أميرالمؤمنين علي‏ عليه السلام قال:

كُلُّ مَعْروُفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ.(29)

يصرّح الإمام ‏عليه السلام في حديثه هذا عن أمر معرفة اللَّه تبارك وتعالى، ويمكن من‏خلال كلامه الكلي إستنتاج اُمور ومفاهيم كثيرة ولأجل التوضيح أكثر نقول: قد لايخفى على الكثيرين فإنّ معرفة الإنسان توصف بشكل إجمالي على أنّها منظومة في مجال مستوى الفكر والرؤى والإستنتاجات التي عادة ماتكون‏ ناشئه من حدود التشخيص وميزان دركه وتشبه الصورة التي تُلتقط للإنسان أو لمنظر طبيعي خلاب، فكلّما كانت الكاميرا أكثر تطوّراً وأكثر قوّة كلّما كانت‏ الصورة أجمل، وتتمتع بدقّة عالية وتبيّن خصوصيات الشي‏ء بشكل أفضل، ولكن مع ذلك فإنّها صورة ذلك الشي‏ء وليس الشي‏ء نفسه، ولايمكن أن ‏تعكس تلك الصورة حقيقية ذات ذلك الشي‏ء؛ لأنّ الصورة وإن كانت جميلة وناطقة فهي صورة الشي‏ء وليس حقيقته.

وتصدق تلك المسألة على باب علوم ومعرفة اللَّه عزّ وجلّ وأهل بيت العصمة والطهارة صلوات اللَّه عليهم؛ لأنّنا كلّما توصّلنا إلى عظمة وقدرة البارئ عزّ وجلّ وكلّما عرفنا أهل البيت ‏عليهم السلام ومكانتهم المتعالية فإنّ ذلك لايخرج عن الفكر والرؤي‏ والعقل المحدود لنا، إذن فإنّ تعاليمنا العقائدية تكون في حدّ استيعابنا، وفي‏ الواقع فإنّ عظمتهم تكون محصورة في فهمنا ودركنا.(30)

ويجب على كلّ واحد منّا أن يستسقي علومه ومعارفه من المذهب الذي‏ يعتمد على الوحي والسماء، وهم أهل البيت‏ عليهم السلام والبحث عن الحقائق من‏خلال الإستفادة المطلقة من أحاديثهم وكلماتهم النورانيّة والتسليم الكامل بها،حتّى وإن كان ذلك لايتناسب مع مستوى عقولنا وفهمنا لتتنوّر القلوب بتلك‏ الأحاديث وتصقلها وتجليها وإلّا فإنّ أهواء النفس وسهامها ستفعل فعلتها فتجرّ الإنسان إلى مهاوي الإنزلاق والفساد والضلالة، وهذا الموضوع مهم، وذلك لأجل زيادة معرفة الإنسان ووصولها إلى التكامل، وأيضاً يكتسب‏ أهميّته حينما يكون الشي‏ء الذي تصوّره الإنسان في ذهنه وفكره ورسم‏ الصورة عنه قريب إلى الواقع والحقيقة.

إنّ التعرف على العقائد الحقة وعلوم أهل البيت صلوات اللَّه عليهم أجمعين ‏والتسليم المطلق والكامل لهم تمنح الأمل مهما قست الظروف ولاتدع ‏تستسلم النفس لليأس والعبث بأيّ حال من الأحوال، وتريحها من الشكوك ‏والوساوس وتسطع علوم اُولئك الأبرار الأخيار في عمق الضمير اللاواعي، وأمّا إذا تكاملت فإنّها لاتعمل على محو العقائد والرؤى والأفكار الخاطئه التي‏ تولدت مع الإنسان منذ نعومة أظافره وطبعت في مخيلته فقط وإنّما تكون‏ قادرة على محو المعتقدات غير الصحيحة في النفس والتي حصلت نتيجة قانون الوراثة والتي انتقلت إلى جيل بعد آخر عن طريق الجينات الوراثية.


29) نهج البلاغة، الخطبة رقم 228.

30) يمكن مراجعة الروايات العديدة والمهمّة الّتي نقلها المرحوم الشيخ البهائي ‏رحمه الله في كتابه «الأربعون حديثاً: 81» عن مولانا الإمام الباقر عليه السلام.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2566
    اليوم : 9312
    الامس : 52396
    مجموع الکل للزائرین : 133644038
    مجموع الکل للزائرین : 92482639