الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
إخلاص صاحب جواهر الكلام

إخلاص صاحب جواهر الكلام

حينما نتفحص التاريخ ونتقل بين صفحاته نرى فيه الكثير من الشواهد الدالة على هذه الحقيقة فعلى سبيل المثال‏ يمكن ذكر صاحب كتاب «جواهر الكلام» كمصداق لما نحن فيه.

يكتب المرحوم المحدث القمي فيقول: لم يكتب في الإسلام كتاب حول مسائل الحلال الحرام مثل كتاب «جواهر الكلام» فقد قام الشيخ محمد حسن النجفي بتصنيف كتاب «جواهر الكلام» الذي يشرح فيه «شرائع الإسلام» وهو لم يتعد سنّ الخامسة والعشرين من عمره.

وكان هذا الفقيه لايستطيع شراء المصادر والكتب اللازمة نتيجة الفقر والعوز؛ ولهذا قام بتأليف هذا الكتاب لكي يأخذه‏ معه في أسفارة والرجوع إليه عندما يسأله الناس عن أمور دينهم.

وعليه فقد كتبه لنفسه وليس للآخرين لذلك لاتعتريه شبهة ولا رياء، وقد كان في زمانه حوالي عشرين عالماً كلهم كانوا منشغلين في كتابة شرح الشرائع، ولكن لم ير أي واحد منها النور.

وكان له ولد اسمه «الشيخ حميد» يعتني باُمور والده، فكان الشيخ مطمئن البال على كتابة  مؤلفاته وتكملة مجلدات هذا الكتاب، ولكن فجأة توفي الشيخ حميد، فحزن عليه حزناً شديداً فيقول هو: انقطعت بي الأسباب، وضاق صدري‏ وضاقت الدنيا في عيني، صرت لا أستقر ليلاً ولا نهاراً، دائم التفكر، مضطرب القلب حزيناً كئيباً، وبينما أنا كذلك وقد خرجت من مجلس كنت فيه أول الليل، وأنا متوجه إلى البيت، إذ نوديتُ من خلفي: «لا تفكر، لك اللَّه» فالتفتُ من حولي لم أرَ أحداً، فحمدت اللَّه تعالى وتوجهتُ إليه، ففُتِحتْ عليّ بعد تلك الليلة أبواب رحمة اللَّه، وانتظمت أموري وترقّتْ أحوالي.(156)

إذن وبعد أن سمع الشيخ هذا النداء قام بكتابة وتكملة هذا الكتاب بنفس مطمئنة وعزيمة لاتلين.

وهذا العمل جاء نتيجة إخلاصه، والذي أعانه في أحلك وأصعب ظروفه فأكمل كتابه القيم جواهر الكلام بعد أن سمع ‏النداء، فإذا لم يسعفه ذلك النداء الغيبي فلن ينتهي من كتابة أكثر الكتب الفقهية تفصيلاً في عالم التشيع.

إنّ المرحوم صاحب الجواهر هو من المصاديق الواضحة لحديث الإمام أميرالمؤمنين علي‏ عليه السلام حين قال:

طُوبى لِمَنْ اَخْلَصَ لِلَّهِ اَلْعِبادَةَ وَالدُّعاءَ.(157)

وهو بعمله هذا لم يصل إلى درجات السعادة في هذه الدنيا بواسطة الإخلاص فحسب، وإنّما أفلح في عالم الآخرة وأصبح من الفائزين.


156) راجع: فوائد الرضويّة المحدّث القمي ‏رحمه الله: 452.

157) بحار الأنوار: 229/70 و 261/84، اصول الكافي: 16/2.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2661
    اليوم : 38387
    الامس : 89977
    مجموع الکل للزائرین : 136021687
    مجموع الکل للزائرین : 93860990