الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
بيان علّة اختلاف الروايات في ثواب الزيارات

بيان علّة اختلاف الروايات في ثواب الزيارات

قال في «الخصائص الحسينيّة»: قد ورد في المعادلة معها إنّها عمرة واحدة، وقد ورد إنّها حجّة واحدة واثنتان وعشر، وعشرون واثنتان وعشرون وثمانون‏ ومائة ومائة ألف وكلّ خطوة بحجة وكان رفع قدم عمرة، وفي رواية بشير الدهان‏ في زيارة عرفة ان الرجل منكم ليغتسل على شاطى‏ء الفرات ثمّ يأتي قبر الحسين‏ عليه السلام عارفاً بحقه فيعطيه الله بكلّ قدم يرفعها ويضها مائة حجّة مقبولة ومائة عمرة مبرورة وقد زادت هذه المعادلة في بعض الروايات بكون الحجة مع رسول ‏الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففي بعضها حجة مع الرسول مقبولة زاكية وفي بعضها اثنتان كذلك، وبعضها عشرة، وفي بعضها ثلاثون مع الرسول‏ صلى الله عليه وآله وسلم متقبلة زاكية، وفي بعضها خمسون معه وفي بعضها مائة معه‏ صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الاختلاف محمول على اختلاف‏ مراتب الزائرين بحسب قوّة ايمانهم ودرجات معرفتهم بالله وبحقّ النبي وأهل ‏بيتهم صلى الله عليهم وبحقّ الحسين‏ عليه السلام بالخصوص ومقدار اليقين بفضيلته‏ وخصائصه الّتي من جملتها خصوصية قوله‏ صلى الله عليه وآله وسلم وأنا من حسين.(1)

 فما ذكره آية الله الشيخ جعفر التستري لتفاضل ثواب الزيارات أمران:

1- اختلافهم في درجات المعرفة.

2- اختلافهم في يقينهم بوصول ما ذكر من الثواب إلى الزائرين.

نذكر هنا جهات أخرى لتفاضل ثواب زيارات الزائرين

اعلم ان بعض الروايات الواردة في ثواب زيارته صريحة بتفاضل ثواب زيارته‏ عن غيره مع التصريح بجهة الزيادة وفي بعض الروايات المصرّحة فيها بتفاضل‏ الزيارات لم يذكر فيه شي‏ء يكون هو المسبب لتفاضل ثواب الزيارة.

ويمكن للزائر ان يجمع في زيارته بين الجهتين أو أكثر ممّا يوجب تفاضل‏ الثواب، كان يكون الزائر عارفاً بحقّه صلوات الله عليه على حسب معرفته ويكون ماشياً وعلى خوف فثواب هذه الزيارة مضاعفة ويكون أجره مع الله تعالى ولا يمكن لنا تحديد ثوابه.

1- ويمكن أن يكون الوجه في تفاضل ثواب الزيارات انّ ثوابها من باب هديّة الله وعطيّته إلى الزائر وليس من باب الجزاء فقط وهديّة الله وعطيّته على الزائر بحسب مشيّة الله تعالى كما انّ ثواب البكاء على الإمام الحسين ‏عليه السلام كذلك اي ‏لاحدّ ولاحساب له ونشرح هذا الوجه في باب الاجر والجزاء للبكاء على مولانا الإمام الحسين ‏عليه السلام انشاء الله .

2- قد يكون التفاضل في ثواب الزيارات من حيث الزمان لأنّ للزمان دخل‏ وتأثير في ذلك فالزيارة في ليلة القدر أو في ليلة الجمعة ويومها وأمثال تلك ‏الأزمنة الشريفة، ثوابها أكثر من سائر الأزمنة الّتي لا خصوصية لها.

3- قد تكون جهة أخرى لتفاضل ثواب الزيارات بعضه على بعض ولايكون ‏هذا التفاضل لمراتب معرفة الزائر أو يقينه بتفاضل الثواب ولا يكون هذا التفاضل ‏للأمور المربوطة بشخص الزائر؛ بل يكون أمر آخر يؤثر في تفاضل الثواب جدّاً وذلك لأنّ الله قد ينظر إلى عموم الزائرين لوجود آل الله في الحرم الشريف أو لأنّهم‏ عليهم السلام يدعون للزائرين كما ورد في الرواية:

ان فاطمة الزهراء عليها السلام تحضر عند زوّار مولانا أبي عبدالله الحسين‏ عليه السلام‏ وتستغفر لهم.

ولا شكّ في انّ من استغفرت له سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام لزيارته ‏أباعبدالله الحسين‏ عليه السلام فثواب زيارته أكثر من ثواب زيارة من لم تستغفر له مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام.

4- الوجه الآخر في تفاضل الثواب للزائرين هو تحمّل المشاكل والمشقّات في‏ الوصول إلى كربلاء. وهذا ما قد صرّح به في الروايات في ثواب من يزور مولانا أبي عبدالله الحسين‏ عليه السلام ماشياً فإنّ لتحمل الزّائر المشقّات الكثيرة من البلاد البعيدة لزيارته ‏عليه السلام ماشياً ثواب عظيم وأجر جزيل يصل إليه لزيارته ‏عليه السلام ماشياً ولا يصل ‏الى من لم يكن ماشياً.

وهذا من الواضحات من انّ تحمّل المشاكل والمشتقّات يؤثر في تفاضل‏ الثواب للزائرين والزائرات:

ويدلّ عليه ما رواه أبي الصامت عن مولانا الإمام الصادق‏ عليه السلام قال سمعت ‏يقول:

من أتى قبر الحسين‏ عليه السلام ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة ألف حسنة ومحاعنه ألف سيّئة ورفع له ألف درجة....(2)

وقال مولانا أميرالمؤمنين ‏عليه السلام:

ثواب العمل على قدر المشقّة فيه.(3)

وهذا يدلّ على انّ المشقّة تؤثّر في الثواب وكلّما كانت زيارة مولانا أبي عبدالله الحسين‏ عليه السلام مع الزحمة والمشقّة الكثيرة من حيث المشاكل الروحيّة أو الجسميّة أو مشقّات تكون في الطريق فيكون ثواب الزيارة أعظم وأكثر وقال مولانا أميرالمؤمنين‏ عليه السلام في رواية أخرى:

ثواب العمل ثمرة العمل.(4)

فإذا كان العمل ذا مشقّة كثيرة فثوا به أعظم من نفس العمل إذا لم تكن فيه ‏مشقّة.

هذا في المشاكل والمشقّات الّتي قد تكون جسمانية فقط فإذا كانت المشقّات، مشقّات ومشاكل روحيّة كالخوف والوجل فثوابه أكثر وأوفر انظر: «ثواب من زاره ‏على الخوف» فإنّ فيه ما يدلّ على قلنا.

وكلّما كان خوفه أشدّ فثوابه أكثر كما قال مولانا الإمام الباقر عليه السلام في الرواية:

ما كان من هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف ... أوردنا الحديث في: «ثواب من زاره على الخوف».

5- وقد يكون تفاضل الثواب من جهة نيّة الزائرين، فانّ للنيّة دخل عظيم في‏ ثواب الزيارة. فعلى الزائر ان يعلم انّ لنيّته تأثيراً عجيباً في ثواب زيارته ولمّا كان‏ الأمر كذلك فبمراعاة الزّائر نيّته في الزيارة وانتخاب أفضل النيّات يرتقى ثواب ‏زيارته ارتقاءاً عظيماً. وهذا أمر صرّح به في روايات أهل البيت‏ عليهم السلام نذكر مورداً من مواردها وهو إذا كان الزّائر ينوى ان يهدى ثواب زيارته إلى مولانا صاحب ‏الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وإلى الأئمّة المعصومين ‏عليهم السلام كلّهم.

فعلى هذا نيّة إهداء الثواب إلى الإمام‏ عليه السلام يوجب ان يصل إلى الزائر ثواب ‏عظيم مضاعفاً على ثواب زيارته. فزيارته بهذه الكيفية توجب تفاضل ثواب‏ زيارته.

وقلنا سابقاً ان ثواب زيارة مولانا أبي عبدالله الحسين‏ عليه السلام عطية من الله ومن ‏كانت نيّته في الزيارة اهداء ثوابها إلى الإمام‏ عليه السلام، فهذه النيّة أولى، فتكون زيارته‏ نوراً على نور وثوابها عطيّة على عطيّة قال مولانا صاحب العطايا والمواهب علي‏ بن أبي طالب ‏عليه السلام:

على قدر النيّة تكون من الله العطيّة.(5)

 فعلى هذا زيارة مولانا أبي عبدالله الحسين ‏عليه السلام بهذه النيّة أي بإهداء ثوابها إلى ‏الإمام ‏عليه السلام نور على نور وثوابها عطيّة على عطيّة من الله تعالى رزقنا الله تعالى ‏زيارته‏ عليه السلام في الدّنيا والآخرة بحقّ موالينا الأئمّة الأطهار عليهم الصلاة والسلام.

اذ فيصحّ بل يرحّج إهداء ثواب الزيارة إلى النبيّ‏ صلى الله عليه وآله وسلم، أو أحد الأئمّة عليهم السلام.

«روى الشيخ بإسناده عن داود الصرمي قال: قلت لأبي الحسن الهادي‏ عليه السلام: إنّي‏ زرت أباك وجعلت ذلك لك. فقال‏ عليه السلام:

لك من الله أجر وثواب عظيم ومنّا المحمدة.(6)

بناء على هذا، ففي هذا العصر الّذي يكون مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه غائباً عن الأنظار، ولايكون عصر ظهوره، ولايقدر للأحبّاء أن يتشرّفوا في أيّ وقت ‏يشاؤن في الأمكنة المقدّسة المتعلّقة به صلوات الله عليه كالسرداب المقدّس ومسجد الكوفة ومسجد السهلة والمسجد المقدّس في جمكران، يمكن لهم تلافي هذه ‏الخسارة بإهداء ثواب الزيارة في الأماكن المقدّسة إليه صلوات الله عليه ويمكن لهم‏ كذلك أن يقرئوا زياراته صلوات الله عليه في الأماكن المقدّسة للتقرّب إلى الله ولجلب ‏عنايته إلى أنفسهم.

وقد وصلت عنايته إلى الآن إلى كثير من أحبّاء أهل البيت ‏عليهم السلام في السرداب ‏المقدّس وكذا في سائر الأماكن المقدّسة، نقلنا بعضها في هذا الكتاب».(7)

 


 (1) الخصائص الحسينيّة: 149.

(2) كامل الزيارات: 254.

(3) شرح غرر الحكم ودرر الكلم: 329/3.

(4) شرح غرر الحكم ودرر الكلم: 353/3.

(5) تصنيف غرر الحكم: 92.

(6) مفتاح الجنّات: 531/1.

(7) الصحيفة المهدية: 364.

 

 

 

    زيارة : 3505
    اليوم : 0
    الامس : 36582
    مجموع الکل للزائرین : 128980325
    مجموع الکل للزائرین : 89580152