الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
الإمام الرضا عليه السلام يحثّ على الدّعاء للإمام صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه

  الإمام الرضا عليه السلام يحثّ على الدّعاء

  للإمام صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه

  لقد كان الإمام الرّضا عليه السلام يقوم بأعمال وأفعال تشير إلى وجود حالة من التعظيم الخاصّ بالنسبة إلى الإمام بقيّة اللَّه الأعظم أرواحنا لمقدمه الفداء ، وهذا ما يمكن استنباطه من خلال الأشعار الّتي نظّمها دعبل ، مضافاً إلى ذلك حثّه عليه السلام كلّ من يتشرّف بزيارته ، العمل على قراءة دعاء الغيبة(76) .

  وهذا ما يمكن فهمه من جملة وكان يأمر بالدّعاء ، وإصراره الأكيد على هذا الموضوع. ولعلّ الإمام الرّضا عليه السلام كان يوصينا بذلك إن كان لنا عين وآذان باطنيّة مفتوحة .

  ومن الوصايا الّتي يمكن للزائرين العمل بها وهم بجوار القبر المبارك والنيّر للإمام الرضا عليه السلام ، هو عدم الغفلة ولو قيد أنملة عن ذكر الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه ، والأدعية والزّيارات المخصوصة له ، والدعاء بتعجيل فرجه الميمون وظهوره العظيم ؛ باعتباره من الأمكنة المنصوص عليها ، وبالنصوص المؤكّدة في استجابة دعاء الظهور .

  ويجب علينا ونحن في حرم الإمام الرّضا عليه السلام توّخي أعلى درجات الدقّة في ما نرغب ، ونطلب من مسائل وحاجات ، ونظراً لعظمة مقام الإمام عليه السلام ؛ فمن المفروض أن لانتوقّف عن طلب الحاجات العظيمة والكبيرة ، وأهمّها وأعظمها هي وصول وظهور منتقم آل محمّد عليهم السلام ، وفترة حكومته العظيمة .

  ولكن هناك حقيقة مرّة يجب الإذعان والإعتراف بها وهي : إنّ بعض الزّائرين يضعون هدفهم الأوّل من زيارة الإمام الّرضا عليه السلام هي طلب قضاء حوائجهم المادية فقط لا غير ، وهذا هو خطأ فادح ؛ خصوصاً إذا ما علمنا أنّ الحاجات تلك هي الوصول إلى الثّروة الطائلة الّتي عادةً ما تكون وبالاً عليهم ، وتكون السبب المباشر لطمعهم ومن ثمّ طغيانهم وغطرستهم ، الأمر الّذي يؤدي بالنتيجة إلى التنصّل عن وظائفهم الّتي يجب القيام بها أمام تلك الثّروة المتكدّسة عندهم .

 ومن الطبيعي ، فإنّ الأشخاص الّذين لايملكون هذه الأموال لاتقع عليهم مسؤوليّة من هذه الناحية .

  عن الإمام الرّضا عليه السلام أنّه قال :

من رضي من اللَّه عزّ وجلّ بالقليل من الرّزق ، رضي منه بالقليل من العمل(77).

  و روي عن ابن ابى شعبة الحلبي و النوفلي أنهّما قالا : دخلنا على الإمام الرّضا عليه السلام فقلنا : إنّا كنّا في سعة من الرّزق ، وغضارة من العيش ، فتغيّرت الحال بعض التغيّر ، فادع اللَّه أن يردّ ذلك إلينا .

فقال عليه السلام:

أيّ شي‏ء تريدون ، تكونون ملوكاً ؟ أيسرّكم أن تكونوا مثل طاهر وهرثمة(78) وإنّكم على خلاف ما أنتم عليه؟!

  فقلت : لا واللَّه ؛ ما سرّني أنّ لي الدّنيا بما فيها ذهباً وفضّة ، وإنّي على خلاف ما أنا عليه . فقال عليه السلام :

 إنّ اللَّه سبحانه وتعالى يقول : «إعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَليلٌ مِنْ عِبادِىَ الشَّكُور»(79).

 (ثمّ قال عليه السلام:) أحسن الظنّ باللَّه ؛ فإنّ من حسن ظنّه باللَّه كان عند ظنّه ، ومن رضي بالقليل من الرّزق قبل منه اليسير من العمل ، ومن رضي باليسير من الحلال خفّت مؤونته ، ونعّم أهله ، وبصّره اللَّه داء الدّنيا ودواءها ، وأخرجه منها سالماً إلى دار السّلام(80).(81)

  ولهذا فلا نكون مبالغين إذا قلنا : إنّ علينا أن نشكر اللَّه سبحانه على نعمه وآلائه الّتي أنعمها علينا ، وأن لايكون همّنا الأوّل والأخير هو الاُمور والقضايا الماديّة فقط ؛ بل العمل على خلق تلاحم واندماج روحي مع الحاجات المعنويّة ، والّتي أهمّها وأعظمها - والّتي من وهي شأنها رفع جميع الإحتياجات الماديّة - ظهور الإمام صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه ، وتحقيق حكومته العظيمة .

  ولعلّ من النّقاط الأساسيّة والبارزة الّتي يمكن التركيز عليها الدّعاء في طلب الفرج وإزالة الشّدد - ليس لنا - وإنّما لأهل البيت ‏عليهم السلام ؛ إذ فيها تكون خلاصنا وفرجنا ، وفكّ الشّدد الّتي تنمّ بنا .

  والدّليل على هذا الموضوع هو : أنّ الشخص الشيعي الحقيقي ، هو ذلك الشخص الّذي يضع حوائج محمّد وآل محمّد عليهم السلام في مقدّمة حوائجه وحوائج أهله وأقربائه .

  وإليكم هذه المقدّمة الّتي تتعلّق بهذا الخصوص : لايخفي على أحدٍ مدى الظّلم والجور الّذي عانى منه أهل البيت‏ عليهم السلام ، والّذي ظهر منذ وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ، ويستمرّ إلى ظهور بقيّة اللَّه الأعظم أرواحنا لمقدمه الفداء ، ولهذا فإنّه ليس من المصادفة أن نقرأ دوماً ، ونكرّر دعاءنا : أللّهمّ عجّل فرجهم .

  وهناك الكثير من الأدعية والأوراد الاُخرى من هذا القبيل ، والّتي نطلب وندعو من اللَّه سبحانه وتعالى الفرج لهم ، وبالطّبع فإنّ الفرج لايتحقق إلاّ في ظلّ وجود حالات من الظّلم والجور .

  إذن ؛ وبما أنّ الظّلم والجور باقٍ ومستمرّ على أهل البيت‏ عليهم السلام وأتباعهم ، فإنّنا نبقي أيدينا مرفوعة دوماً إلى البارئ عزّ وجلّ ، والدّعاء في التعجيل والفرج إليهم عليهم السلام ، وظهور منتقمهم الإمام الحجّة ابن الحسن عجّل اللَّه تعالى فرجه .

  وعليه فإنّ ما نراه من ظلم وتعسّف يعمّ مجتمعنا اليوم هو نتيجةً لاستمرار مظلوميّة آل محمّد عليهم السلام ، لذا يجب أن يكون الدّعاء لرفع الظلم عنهم عليهم السلام ، وتعجيل فرجهم ؛ لأنّ فيه فرجنا وانجلاء ما ألمّ بنا من ظلم وحيف.

وهناك قصّة جميلة حدثت في صحن الإمام الرّضا عليه السلام تؤكّد صحّة ما قلناه :

  شخص شاهد إحدى النساء في صحن الإمام الرضا عليه السلام تبكي بشدّة وحرقة ، فسألها عن بكائها .

 فقالت له : إنّ زوجي تركني مع بناتي الأربع وأنا مُعدمة ، وقد طردني صاحب البيت الّذي اُقيم فيه ورمى بأغراضي خارجاً ، فما عساي أن أفعل وأنا بهذه الحالة ؟

  فقام هذا الشخص بمساعدة هذه المرأة بقدر استطاعته ، ولكنّه ذهب إلى ضريح الإمام الرّضا عليه السلام وكلّه ألم وحزن ؛ لأنّه لم يتمكّن من حلّ مشكلة هذه المرأة ، فخاطب الإمام ‏عليه السلام قائلاً : مولاي وسيّدي ؛ اُطلب الفرج من اللَّه سبحانه وتعالى ، وإنهاء الغيبة من أجل هؤلاء المستضعفين والمحرومين .

 فجأة ألهم ذلك الرّجل فسمع نداء يقول الإمام‏ عليه السلام فيه : إنّ الظّلم والجور الّذي جرى علينا أهل البيت‏ عليهم السلام هو أكثر بكثير من هذا.(82)

  وما عسانا أن نفعل سوى الطلب من البارئ عزّ وجلّ الإسراع في صدور أمره إلى صاحب الأمر والولاية الإلهيّة للظهور والإنتقام ، وبذلك سوف يقلع جذور الظلم والجور من كلّ أصقاع العالم .


76) نذكر هذا الدّعاء في الباب التاسع : 197 .

77) بحار الأنوار : 349/78 .

78) كان هذان من كبار رجال المأمون لعنة اللَّه عليه ومقرّبيه .

79) سورة السبأ ، الآية 13 .

80) بحار الأنوار : 342/78 .

81) منتهى الآمال (تعريب) : 443/2 .

82) إنّ واحدة من مصاديق الظّلم والجور الّتي عانى منها أهل البيت ‏عليهم السلام ، هي عدم أكتراث واعتناء الكثير من النّاس بالنّصوص والأدعية والزّيارات الواردة عنهم‏ عليهم السلام ؛ حيث أنّنا ومن خلال الإمعان والدّقّة في تلك النّصوص نتمكّن من الحصول على العديد من العلوم والعقائد المهمّة قلّ ما نجدها في الروايات ، ومع كلّ ذلك ؛ فإنّ البعض - وللأسف الشديد - ينظر إلى الأدعية والزّيارات بمنظار الثواب فقط ، وعدم الإهتمام بالجوانب والآثار المهمّة الاُخرى لها .

 

 

 

 

    زيارة : 7845
    اليوم : 23880
    الامس : 92721
    مجموع الکل للزائرین : 131518770
    مجموع الکل للزائرین : 91189979